ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدّمات معقّبات ومجنبّات ، وهن الباقيات الصالحات».
الإيضاح
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ) شبّهت الدنيا فى نضرتها ثم صيرورتها إلى الزوال بحال نبات اخضرّ والتف وأزهر ، ثم صار هشيما متفتّتا تنثره الرياح ذات اليمين وذات الشمال ومن ثم لا يغترّنّ أهلها بها ، ولا يفخرنّ ذو الأموال الكثيرة بأمواله ، ولا يستكبرنّ بها على غيره ، فإنما هى ظل زائل ، وفى الحديث «الدنيا كسوق قام ثم انفضّ».
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) أي وكان الله ذو الكمال والجلال قادرا على كل شىء إنشاء وإفناء وإعادة ، فهو يوجد الأشياء ثم ينمّيها ثم يفنيها ، وما حال الدنيا إلا هذه الحال ، فهى تظهر أولا ناضرة زاهرة ثم تتزايد قليلا قليلا ، ثم تأخذ فى الانحطاط إلى أن تصير إلى الهلاك والفناء ، فلا ينبغى للعاقل أن يبتهج بما يحوزه منها أو يفخر به أو يصعّر خذه استكبارا.
ثم بين سبحانه ما كانوا يفتخرون به من محسّنات الدنيا إثر بيان حالها بما مرّ من المثل فقال :
(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي إن الأموال والبنين التي يفخر بها عيينة والأقرع وأضرابهم هى من زينة هذه الحياة ، وليسا من زاد الآخرة ، وقد علمت أن الدنيا سريعة الفناء ، فلا ينبغى التفاخر بها.
وقدم المال على البنين مع كونهم أعز منه لدى جميع الناس ـ من قبل أن الزينة به أتم ، ولأنه يمد الآباء والأبناء فى كل حين ، ولأنه مناط بقاء النفس والأولاد ، وبذا يبقى النوع الإنسانى ، ولأن الحاجة إليه أمس من الحاجة إليهم ، ولأنه زينة بدونهم ، دون العكس ، فإن من له بنون ولا مال له فهو فى بؤس وشقاء.