بجميع ما أنتم فيه من النعم ، من لم يكن لكم منه منفعة قط بل هو عدو لكم يترقب حصول ما يضركم فى كل حين.
(بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) أي بئس البدل للكافرين بالله اتخاذ إبليس وذريته أولياء من دونه ، وهو المنعم عليهم وعلى أبيهم آدم من قبلهم ، المتفضل عليهم بما لا يحصى من الفواضل.
ثم بين السبب فى عدم استحقاق إبليس وذريته هذه الولاية فى أنفسهم بعد بيان خباثة أصلهم فقال :
(ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) أي ما أحضرت إبليس وذريته خلق السموات والأرض ، ولا أشهدت بعضهم خلق بعض ، فكيف تطيعونهم وتعبدون الأصنام من دونى وهم عبيد أمثالكم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؟.
وقصارى ذلك ـ ما أطلعتهم على أسرار التكوين ، وما خصصتهم بخصائص لا تكون لسواهم ، حتى يقتدى الناس بهم ، فأنا المستقل بخلق الأشياء كلها ومدبرها ليس لى فى ذلك شريك ولا وزير.
(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) أي وما كنت متخذ من لا يهدون إلى الحق أعوانا وأنصارا ، لأنهم يضلون فمتبعهم يجور عن قصد السبيل ، ولا يصل إلى هدى ، فكيف اتبعوهم وعبدوا الأصنام على مقتضى وسوستهم؟.
ثم أخبر سبحانه عما يخاطب به المشركين يوم القيامة على رءوس الأشهاد تقريعا لهم وتوبيخا فقال :
(وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) أي واذكر أيها الرسول يوم الجمع حين يقول الله تعالى للكافرين على سبيل التأنيب والزجر : نادوا للشفاعة لكم من زعمتم فى الدنيا أنهم شركائى ، لينقذوكم مما أنتم فيه ، والمراد بهم كل ما عبد من دون الله ، فدعوهم ليستغيثوا بهم ، ويشفعوا لهم ، فلم يغيثوهم.