أي لا تكن بخيلا منوعا لا تعطى أحدا شيئا ، ولا تسرف فى الإنفاق فتعطى فوق طاقتك ، وتخرج أكثر من دخلك ، فإنك إن بخلت كنت ملوما مذموما عند الناس كما قال زهير :
ومن يك ذا مال فيبخل بماله |
|
على قومه يستغن عنه ويذمم |
ومذموما عند الله لحرمان الفقير والمسكين من فضل مالك ، وقد أوجب الله عليك سد حاجتهما ، بإعطاء زكاة أموالك.
وإن أسرفت فى أموالك فسرعان ما تفقدها ، فتصبح معسرا بعد الغنى ، ذليلا بعد العزة ، محتاجا إلى معونة غيرك بعد أن كنت معينا له ، وحينئذ تقع فى الحسرة التي تقطع نياط قلبك ، ويبلغ منك الأسى كل مبلغ ، ولكن أنّى يفيد ذلك؟ وقد فات ما فات ، فلا ينفع الندم ، ولا تجدى العظة والنصيحة.
وخلاصة ذلك ـ اقتصد فى عيشك ، وتوسط فى الإنفاق ، ولا تكن بخيلا ولا مسرفا.
روى أحمد وغيره عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ما عال من اقتصد» وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «الاقتصاد فى النفقة نصف المعيشة» وروى عن أنس مرفوعا : «التدبير نصف المعيشة ، والتودد نصف العقل ، والهمّ نصف الهرم ، وقلة العيال أحد اليسارين». وقيل : حسن التدبير مع العفاف ، خير من الغنى مع الإسراف.
وإجمال المعنى ـ لا تجعل يدك فى انقباضها كالمغلولة الممنوعة عن الانبساط ، ولا تتوسّع فى الإنفاق فتصير نادما مغموما وعاجزا عن الإنفاق لا شىء عندك ، فتكون كالدابة التي قد عجزت عن السير فوقفت ضعفا وعجزا وإعياء.
ثم سلّى رسوله والمؤمنين بأن الذي يرهقهم من الإضافة ليس لهوانهم على الله ولكن لمشيئة الخالق الرازق فقال :
(إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أي إن ربك أيها الرسول يبسط الرزق لمن يشاء ويوسع عليه ، ويقتر على من يشاء ويضيق عليه ، بحسب السنن