ثم بين ما أعد لهم من النعيم بقوله :
(١) (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) أي إنه لهم جنات يقيمون فيها تجرى من تحت غرفها الأنهار.
(٢) (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) أي يلبسون فيها أساور من ذهب تكون حلية لهم ، وعن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء». أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ، وظاهر الآية أنها جميعها من ذهب ، وجاء فى آية أخرى من فضة ، وفى أخرى من ذهب ولؤلؤ فيعلم من هذا أنهم يحلون بالأساور الثلاثة ، فيكون فى يد الواحد منهم سوار من ذهب وآخر من فضة وآخر من لؤلؤ.
(٣) (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) أي ويلبسون رقيق الحرير وغليظه مما نسج من سلوك الذهب ، وهذا لباس المترفين فى الدنيا ، ومنتهى ما يكون لأهل النعيم.
واختير اللون الأخضر ، لأنه أرفق بالأبصار ، ومن ثم جعله الله لون النبات والأشجار ، وجعل لون السماء الزرقة ، لأنه نافع لأبصار الحيوان أيضا ، وقد قالوا : ثلاثة مذهبة للحزن : الماء والخضرة والوجه الحسن.
(٤) (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) أي يتكئون فيها على سرر مزدانة بالستور ، وفى هذا دليل على منتهى الراحة والنعيم ، كما يكون ذلك فى الدنيا.
(نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) أي نعمت الجنة لهم جزاء وفاقا على جميل أعمالهم ، وحسنت منزلا ومقيلا.
ونحو الآية قوله : «أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً. خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً».
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها