النعم ، متواضعا لربه ، لا أن يكون كافرا به ، منكرا لما جاء به الوحى ، وأقرته جميع الشرائع.
وخلاصة ذلك ـ إنه لحقه الخسار من وجهين.
(١) ظنه أن تلك الجنة لا تهلك ولا تبيد مدى الحياة.
(٢) ظنه أن يوم القيامة لن يكون.
ثم تمنى أمنية أخرى كان فى شك منها فقال :
(وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) أي ولئن كان معاد ورجعة إلى الله ليكوننّ لى هناك أحسن من هذا الحظ عند ربى ، والذي جرّأه على هذا الطمع وعلى تلك اليمين الفاجرة ـ اعتقاده أن الله إنما حباه بما حباه به فى الدنيا لما له من كرامة لديه ، ولما فيه من مزايا استحق بها أن ينال ما نال.
ونحو الآية قوله تعالى حكاية عن الكافر «وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى».
وخلاصة ذلك ـ إنه لم يعطنى الجنة فى الدنيا إلا ليعطينى فى الآخرة ما هو أفضل منها قال ذلك طمعا وتمنيا على الله ، وادعاء للكرامة عنده.
ثم ذكر سبحانه جواب المؤمن له فقال :
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ : أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً؟) أي قال له صاحبه المؤمن واعظا وزاجرا عما هو فيه من الكفر : أكفرت بالذي خلقك من التراب؟ إذ غذاء والديك من النبات والحيوان ، وغذاء النبات من التراب والماء ، وغذاء الحيوان من النبات ، ثم يصير هذا الغذاء دما يتحول بعضه إلى نطفة يكون منها خلقك بشرا سويا على أتم حال وأحكمه بحسب ما تقتضيه الحكمة ـ فهذا الذي خلقك على هذه الحال قادر على أن يخلقك مرة أخرى.
والخلاصة ـ كيف تجحدون ربكم ، ودلالة خلقكم على وجوده ظاهرة جلية