الإيضاح
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي وقل لعبادى يقولوا فى مخاطباتهم ومحاوراتهم مع خصومهم من المشركين وغيرهم : الكلام الأحسن للإقناع ، مع البعد عن الشتم والسب والأذى.
ونظير الآية قوله «ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ» وقوله «وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ». روى أن الآية نزلت فى عمر ابن الخطاب ، ذلك أن رجلا شتمه فسبّه عمر وهمّ بقتله فكادت تثير فتنة فأنزل الله الآية.
ثم علل ذلك بقوله :
(إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ) أي إن الشيطان يفسد بين المؤمنين والمشركين ويهيج الشر بينهم ، فينتقل الحال من الكلام إلى الفعال ، ويقع الشر والمخاصمة ، ومن ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة ، فإن الشيطان ينزغ فى يده فر بما أصابه بها. روى أحمد عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ولا يشيرنّ أحدكم إلى أخيه بالسلاح ، فإنه لا يدرى لعل الشيطان ينزغ فى يده ، فيقع فى حفرة من النار» وروى أيضا عن رجل من بنى سليط قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلّم وهو فى رفلة (جماعة) من الناس فسمعته يقول «والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ، التقوى هاهنا ووضع يده على صدره».
ثم بين سبب نزغ الشيطان للإنسان بقوله :
(إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً) أي إن بين الشيطان والإنسان عداوة قديمة مستحكمة كما قال تعالى حكاية عن الشيطان «ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم» وقال «كمثل الشّيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّى برىء منك إنّى أخاف الله ربّ العالمين».