مكة يوم الفتح وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بعود فى يده ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، جاء الحق وما يبدى الباطل وما يعيد.
وفى رواية للطبرانى والبيهقي عن ابن عباس «أنه صلى الله عليه وسلّم جاء ومعه قضيب ، فجعل يهوى به إلى كل صم منها فيخرّ لوجهه فيقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ـ حتى مر عليها كلّها».
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي وننزل عليك أيها الرسول من القرآن ما به يستشفى من الجهل والضلالة ، وتزول أمراض الشدة والنفاق ، والزيغ والإلحاد ، وهو أيضا رحمة للمؤمنين الذين يعملون بما فيه من الفرائض ، ويحلّون حلاله ، ويحرّمون حرامه ، فيدخلون الجنة ، وينجون من العذاب ، وفى الخبر «من لم يستشف بالقرآن ، فلا شفاه الله».
(وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) لأنهم كلما سمعوا آية منه ازدادوا بعدا عن الإيمان وازدادوا كفرا بالله ، لأنه قد طبع على قلوبهم فهم لا يفقهون كما قال : «قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ، وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ، أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ» وقال : «وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ».
قال قتادة فى قوله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ) إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) أي لا ينتفعون به ، ولا يحفظونه ، ولا يعونه ، فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين اه.