(ب) قال قتادة : لا تقل سمعت ولم تسمع ، ولا رأيت ولم تر ، ولا علمت ولم تعلم.
(ج) وقيل المراد النهى عن القول بلا علم بل بالظن والتوهم كما قال : «اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ» وفى الحديث «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» وفى سنن أبى داود «بئس مطية الرجل زعموا» إلا ما قام الدليل على جواز العمل به إن لم يوجد دليل من كتاب أو سنة كما رخص النبي صلى الله عليه وسلّم فى ذلك لمعاذ حين بعثه قاضيا فى اليمن إذ قال له «بم تقضى ، قال : بكتاب الله ، قال فإن لم تجد قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، قال فإن لم تجد قال أجتهد رأيى».
(د) وقيل المراد نهى المشركين عن اعتقاداتهم تقليدا لأسلافهم واتباعا للهوى كما قال : «إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ، ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ».
ثم ذكر سبحانه تعليلا لذلك النهى فقال :
(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) أي إن الله سائل هذه الأعضاء عما فعل صاحبها كما قال «يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ» وفى الخبر عن شكل بن حميد قال : «أتيت النبي صلى الله عليه وسلّم فقلت يا نبى الله علّمنى تعويذا أتعوذ به ، فأخذ بيدي ثم قال : قل أعوذ بك من شر سمعى ، وشر بصري ، وشر قلبى ، وشر منيىّ» (يريد الزنا).
(٢) (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي ولا تمش متبخترا متمايلا كمشى الجبارين ، فتحتك الأرض التي لا تقدر على خرقها بدوسك وشدة وطئك لها ، وفوقك الجبال التي لا تقدر على الوصول إليها ، فأنت محوط بنوعين من الجماد أنت أضعف منهما ، والضعيف المحصور لا يليق به التكبر ، ولقد أحسن من قال :
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا |
|
فكم تحتها قوم هم منك أرفع |
وإن كنت فى عز وحرز ومنعة |
|
فكم مات من قوم هم منك أمنع |