ولا فى شىء لم تره ، إنك قد رأيته ، ثم بالنهى عن مشية الخيلاء والمرح لما فيهما من الصّلف الذي لا يرضاه الله ولا الناس ، ثم ختم ذلك ببيان أن تلك الأوامر والنواهي هى من وحي الله وتبليغه ، لا من عند نفسه ، أمر بها ونهى عنها ، لأنها أسس سعادة الدارين ، وعليها تبنى العلاقات بين الأفراد والأمم على نظم صحيحة لا تكون عرضة للاضطراب وفقدان الثقة فى معاملاتهم.
الإيضاح
(لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) أي لا تجعل أيها الإنسان مع الله شريكا فى ألوهيته وعبادته ، ولكن أخلص له العبادة وأفرد له الألوهة ، فإنه لا ربّ غيره ، ولا معبود سواه ، وإنك إن تجعل معه إلها غيره ، وتعبد معه سواه ، تصر ملوما على ما ضيعت من شكر الذي أنعم عليك بنعمه ، وشكر من لم يولك نعمة ، مخذولا لا ينصرك ربك ، بل يكلك إلى من عبدته معه ، ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
وبعد أن ذكر الركن الأعظم فى الإيمان أتبعه بذكر شعائره وهى الأمور الآتية فقال :
(١) (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي وأمر ربك ألا تعبدوا غيره ، إذ العبادة نهاية التعظيم ، ولا تليق إلا بمن له الإنعام والإفضال على عباده ، ولا منعم إلا هو.
(٢) (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي وأن تحسنوا إلى الوالدين وتبرّوهما ، ليكون الله معكم «إنّ الله مع الّذين اتّقوا والّذين هم محسنون».
وقد أمر سبحانه بالإحسان إليهما للأسباب الآتية :
(ا) شفقتهما على الولد ، وبذل الجهد فى إيصال الخير إليه ، وإبعاد الضر عنه ، جهد المستطاع ، فوجب مقابلة ذلك بالإحسان إليهما والشكر لهما.