(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩))
تفسير المفردات
وكيلا : أي ملتزما استرداده بعد الذهاب به ، كما يلتزم الوكيل ذلك فيما يتوكل عليه ، وظهيرا : أي معينا فى تحقيق ما يتوخّونه من الإتيان بمثله ، وصرفنا : كررنا وردّدنا ، والكفور : الجحود.
المعنى الجملي
بعد أن امتن سبحانه على نبيه بما أنزل عليه من الكتاب ، وذكر أنه شفاء للناس ، وأنه ثبّته عليه حين كادوا يفتنونه عنه ، ثم أردفه بمسألة الروح اعتراضا ، لأن اليهود والمشركين اشتغلوا بها عن تدبر الكتاب والانتفاع به ، وسألوا تعنتا عن شىء لم يأذن الله بالعلم به لعباده ـ امتن عليه ببقاء ذلك الكتاب وحذّره من فتنة الضالين ، وإرجاف المرجفين ، وهو المعصوم من الفتنة ، فإنه لو شاء لأذهب ما بقلبه منه ولكن رحمة بالناس تركه فى الصدور.
وفى هذا تحذير عظيم للهداة والعلماء وهم غير معصومين من الفتنة ، بأن يباعد بينهم وبين هدى الدين بمظاهرتهم للرؤساء والعامة ، وتركهم العمل به اتباعا لأهوائهم ، واستبقاء لودهم ، وحفظا لزعامتهم على الناس.
ثم ذكر أن القرآن وحي يوحى فلا يستطيع الجن والإنس أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض معينا ، وقد اشتمل على الحكم والأحكام والآداب التي يحتاج إليها البشر فى معاشهم ومعادهم ، وكثير من الناس جحدوا فضله عتوا وكبرا.