يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥))
تفسير المفردات
ينزغ : يفسد ويهيج الشر ، والوكيل : هو المفوض إليه الأمر ، والزبور : اسم الكتاب الذي أنزل على داود عليه السلام.
المعنى الجملي
بعد أن أقام سبحانه الحجج على إبطال الشرك ، فقال : قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا ، وذكر الأدلة على صحة البعث والجزاء فقال : «قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» أمر رسوله أن يأمر عباده المؤمنين بأن يحاجوا مخالفيهم ، ويجادلوهم باللين ، ولا يغلظوا لهم فى القول ، ولا يشتموهم ولا يسبوهم ، فإن الكلمة الطيبة تجذب النفوس ، وتميل بها إلى الاقتناع ، كما يعلم ذلك الذين تولوا النصح والإرشاد ، من الوعاظ والساسة والزعماء فى كل أمة.
ثم ذكر من الكلمة الطيبة أن يقول لهم : ربكم العليم بكم ، إن شاء عذبكم ، وإن شاء رحمكم ، ولا يصرّح بأنهم من أهل النار ، فإن ذلك مما يهيج الشر مع أن الخاتمة مجهولة لا يعلمها إلا الله سبحانه ، ثم بين لرسوله أنه لا يقسر الناس على الإسلام ، فما عليه إلا البلاغ والإنذار ، والله هو العليم بمن فى السموات والأرض ، فيختار لنبوته من يشاء ، ممن يراه أهلا لذلك ، وأولئك الأنبياء ليسوا سواء فى مراتب الفضل والكمال ، وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلّم وأمته.