الثانية ، بدليل قوله. «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ» وقوله سبحانه حكاية عنهم : «ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى» وكانوا يقولون فى تلبيتهم فى الحج : لبيك لا شريك لك : إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك.
ثم عللوا عدم دعوتهم لغيره بقولهم :
(لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) أي إنا إذا دعونا غير الله ، لقد أبعدنا عن الحق ، وتجاوزنا الصواب.
وفى هذا إيماء إلى أنهم دعوا لعبادة الأصنام وليموا على تركها.
ثم حكى سبحانه عن أهل الكهف مقالة بعضهم لبعض فقال :
(هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ) أي إن قومنا هؤلاء وإن كانوا أكبر منا سنّا وأكثر تجربة قد أشركوا مع الله غيره ، فهلا أتوا بحجة بينة على صدق ما يقولون ، كما أتينا على صدق ما ندّعى بالأدلة الظاهرة ، وإنهم لأظلم الظالمين فيما فعلوا ، افتروا ، ومن ثم قال :
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً؟) أي لا أظلم ممن افترى على الله الكذب ونسب إليه الشريك ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً) أي وإذ فارقتموهم وخالفتموهم فى عبادتهم غير الله ففارقوهم بأبدانكم والجئوا إلى الكهف ، وأخلصوا لله العبادة فى مكان تتمكنون منها بلا رقيب ولا حسيب ، وإنكم إن فعلتم ذلك فالله تعالى يبسط لكم الخير من رحمته فى الدارين ، ويسهل لكم من أمر الفرار بدينكم ، والتوجه إليه فى عبادتكم ، ما ترتفقون وتنتفعون به.
وقد قالوا ذلك ثقة بفضل الله تعالى ورجاء منه ، لتوكلهم عليه وكمال إيمانهم به ، أخرج الطبراني وابن المنذر عن ابن عباس قال : ما بعث الله نبيا إلا وهو شاب ،