وقرأ : «قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ» «وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ» «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ».
ثم بيّن سبحانه حالهم بعد أن أووا إلى الكهف فقال :
(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ ، وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) أي إنك أيها المخاطب لو رأيت الكهف لرأيت الشمس حين طلوعها تميل عنه جهة اليمين ، ورأيتها حين الغروب تتركهم وتعدل عنهم جهة الشمال ، والحال أنهم فى وسطه ومتسعه ، فيصيبهم نسيم الهواء وبرده.
وخلاصة ذلك ـ إنهم طوال نهارهم لا تصيبهم الشمس فى طلوعها ولا فى غروبها ، إذ كان باب الكهف فى مقابلة بنات نعش ، فهو إلى الجهة الشمالية ، والشمس لا تسامت ذلك أبدا ، لأنها لا تصل إلى أبعد من خط السرطان ، وكل بلاد بعده إلى جهة الشمال تكون الشمس من ورائها لا أمامها فيكون الظل مائلا جهة الشمال طول السنة ، كما يعلم ذلك من علم الفلك.
وإيضاح ذلك أنه لو كان باب الكهف فى ناحية الشرق لما دخل إليه شىء منها حين الغروب ، ولو كان من ناحية الجنوب لما دخل منها شىء حين الطلوع ولا الغروب وما تزاور الفيء لا يمينا ولا شمالا ، ولو كان جهة الغرب لما دخلته وقت الطلوع ، بل بعد الزوال ولا تزال فيه إلى الغروب.
مكان الكهف
وللمفسرين فى تعيين مكان الكهف أقوال : فقيل هو قريب من إيلياء (بيت المقدس) ببلاد الشام ، وقال ابن إسحاق : عند نينوى ببلاد الموصل ، وقيل ببلاد الروم ، ولم يقم إلى الآن الدليل على شىء من ذلك ، ولو كان لنا فى معرفة ذلك فائدة دينية لأرشدنا الله إليه كما قال صلى الله عليه وسلّم : «ما تركت شيئا يقرّبكم إلى الجنة ، ويباعدكم عن النار ، إلا وقد أعلمتكم به».