(ا) ألا تتأفف من شىء تراه من أحدهما أو منهما مما يتأذى به الناس ، ولكن اصبر على ذلك منهما ، واحتسب الأجر عليه ، كما صبرا عليك فى صغرك.
(ب) ألا تنغّص عليهما بكلام تزجرهما به ، وفى هذا منع من إظهار المخالفة لهما بالقول على سبيل الرد عليهما والتكذيب لهما ، وفيما قبله منع من إظهار الضجر القليل أو الكثير.
(ج) أن تقول لهما قولا حسنا ، وكلاما طيبا مقرونا بالاحترام والتعظيم ، مما يقتضيه حسن الأدب ، وترشد إليه المروءة ، كأن تقول يا أبتاه ويا أماه ، ولا تدعوهما بأسمائهما ، ولا ترفع صوتك أمامهما ، ولا تحدّق فيهما بنظرك.
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبى الهدّاج قال : قلت لسعيد بن المسيّب : كل ما ذكر الله تعالى فى القرآن من بر الوالدين فقد عرفته إلا قوله «وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً» ما هذا القول الكريم ، فقال ابن المسيّب : قول العبد المذنب للسيد الفظّ.
(د) أن تتواضع لهما وتتذلل ، وتطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن معصية لله ، رحمة منك بهما وشفقة عليهما ، إذ هما قد احتاجا إلى من كان أفقر الخلق إليهما ، وذلك منتهى ما يكون من الضراعة والمسكنة ، ولله در الخفاجي إذ يقول :
يا من أتى يسأل عن فاقتى |
|
ما حال من يسأل من سائله |
ماذلة السلطان إلا إذا |
|
أصبح محتاجا إلى عامله |
وقوله : من الرحمة ، أي أن يكون ذلك التذلل رحمة بهما ، لا من أجل امتثال الأمر وخوف العار فقط ، فتذكّر نفسك بما تقدّم لهما من الإحسان إليك ، وبما أمرت به من الشفقة والحدب عليهما.
وقد مثل حاله معهما بحال الطائر إذا أراد ضم فرخه إليه لتربيته ، فإنه يخفض له جناحه ، فكأنه قال للولد : اكفل والديك ، بأن تضمهما إلى نفسك ، كما فعلا ذلك حال صغرك.