البينتين تختلفان في الشيء الواحد يدعيه الرجلان : أنه يقرع بينهما فيه إذا اعتدلت بينة كل واحد منهما وليس في أيديهما» (١).
وأنت خبير بما تقتضيه الصناعة في الجمع والتنافي بين هذه الأخبار المختلفة في المفاد ، فإنها قاضية بتقديم ما دل على الترجيح بالعدد على ما دل بإطلاقه على التنصيف أو القرعة لأنه أخص منهما فليقيد به ، مضافا الى الإجماع المحكي على اعتبار التساوي عددا وعدالة في الحكم بالتنصيف ، والى النص باشتراط التساوي فيهما في اعمال القرعة ، وبتقييد إطلاق كل مما دل على التنصيف أو القرعة بما دل على التحالف في الأول وإحلاف من خرج اسمه بالقرعة في الثاني جمعا بين ما دل عليهما بالإطلاق وما دل عليه بعد الحلف أو التحالف (لا يقال) : أن الترجيح بالأعدلية غير منصوص عليه في النصوص وانما المنصوص اشتراط القرعة بالتساوي في العدالة ، وهو غير الترجيح بالأعدلية مع ذهاب الأكثر إليه ، بل المحكي عن بعضهم تقديمها على الترجيح بالأكثرية (لأنا نقول) : ما دل على اعتبار التساوي من جهتها في القرعة دل بمفهومه على عدمها عند عدمه ، وحينئذ فأما : أن يحكم فيه بالتنصيف والمفروض اشتراطه بالتساوي إجماعا ، أو تقديم المرجوح وهو باطل ، فتعين العمل بالراجح. وقد تبين ـ ولو بمعونة النصوص أنها من المرجحات نعم النسبة بين أخبار التنصيف بعد تقييدها بالتساوي والتحالف ، وبين أخبار القرعة بعد تقييدها به وبالحلف : هو التباين اللازم فيه التماس المرجح وهو لاخبار القرعة من وجوه.
بقي الكلام في وجه الإحلاف بعد القرعة ، فإنها : ان كانت لتعيين المالك كما هو ظاهر بعض النصوص وجب الدفع اليه بعد تعينه بها من
__________________
(١) راجع ذلك في كتاب القضاء ، المقصد الرابع في متعلق الدعاوي المتعارضة ، الفصل الأول في دعوى الأملاك.