وتنقيح هذه المسألة من أصلها ـ بعد معلومية أن البحث في وجوب الرجوع إلى الفقيه في زمن الغيبة انما هو من حيث تبعيته للإمام فيما يجب الرجوع فيه اليه ونيابته عنه ، وإلا فهو كغيره من عدول المسلمين هو أن يقال : ان كل معروف علم ارادة وجوده في الخارج ولكن شك في توقفه على اذن الفقيه في زمن الغيبة وعدمه ، بل يجب إيجاده على كل من يقدر عليه كفاية : فأما أن يكون الشك فيه مسببا عن الشك في كونه مشروطا بإذن الإمام عليه السلام أولا ، أو يكون مسببا عن الشك في حصول الاذن منه للفقيه بخصوصه ولو بنحو العموم في المتعلق بعد فرض اعتبار اذنه فيه. وبعبارة أخرى : الشك في وجوب الرجوع فيه الى الفقيه : مرة ـ للشك في وجوب الرجوع فيه إلى الامام عليه السلام ، وأخرى في مأذونية الفقيه منه بالخصوص ، ولو بنحو العموم بعد إحراز كونه مما يعتبر فيه إذن الامام عليه السلام.
أما إذا كان منشأ الشك هو الأول ، فلا مانع عن التمسك فيه بالأصل الذي مقتضاه العدم ، إذ المانع عنه ـ كما تقدم ـ ليس الا انفتاح باب العلم المفروض انسداده في زمان الغيبة. وعليه فيكون من الواجب كفاية على كل من يقدر عليه ـ فقيها كان أو غيره.
وان كان هو الثاني ، فلا كلام في كون الفقيه هو المتيقن ممن كان له ولاية ذلك ، انما الكلام في اختصاصها به ، ان ثبت عموم النيابة له ، وإلا فيتولاه كل من يقدر عليه كفاية ، للعلم بإرادة وجوده شرعا وعدم تعيين الموجد له ، بناء على عدم استفادة العموم من أدلة النيابة ، الا انه حينئذ ، يدور أمره بين احتمالات ثلاثة : سقوط اعتبار الاذن في زمن الغيبة أو اختصاص الاذن للفقيه فيه ، أو تعميمه لكل من يقدر عليه ـ أما سقوط الاذن من أصله ، ففيه تقييد لما دل على اعتباره من غير دليل. وأما