وأما كونهم حكاما على الملوك الذين هم حكام على الناس (١) فغايته ثبوت الحكم لهم ولو في نفوذ قضائهم عليهم ، وأين ذلك من ثبوت الولاية الكلية لهم؟
وأما التوقيع وما يليه من الأخبار (٢) فلا ينهض لإثبات الولاية الاستقلالية للفقيه على وجه يكون مستقلا بالتصرف كالإمام إلا فيما خرج بالدليل.
وبالجملة : لا شك في قصور الأدلة عن إثبات أولوية الفقيه بالناس من أنفسهم ، كما هي ثابتة لجميع الأئمة عليهم السلام بعدم القول بالفصل بينهم وبين من ثبت له منهم عليهم السلام بنص غدير خم ، بل الثابت للفقيه انما هو الولاية بالمعنى الثاني (٣) لكن الكلام في ثبوتها له بنحو العموم على وجه يرجع إليه حيث ما شك في مورد ثبوتها له فيه أولا ، بل يقتصر في الرجوع اليه على كل مورد قام الدليل عليه بخصوصه ، ويبقى مورد الشك تحت الأصل الذي قد عرفت مقتضاه العدم؟ وجهان بل قولان :
__________________
(١) كما عن كنز الكراجكي من قول الامام الصادق (ع).
(٢) من قوله (ع) : في التوقيع المشهور : «فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» وقول الامام الحسين (ع) كما في تحف العقول : «أن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله ، الأمناء على الحلال والحرام» وقول الامام الصادق (ع) ـ في مقبولة ابن حنظلة ـ «فإني قد جعلته عليكم حاكما» وقوله (ع) في مشهورة أبي خديجة : «فإني قد جعلته عليكم قاضيا» كما مر آنفا ، وكقولهم (عليهم السلام) ـ كما في كتب الأخبار ـ «إن العلماء كافلون لأيتام آل محمد (ص) ونحو ذلك كثير في كتب الحديث.
(٣) وهو دخل اعتباره في تصرفات الغير لا استقلاله في التصرف.