البراءة عنها لعدم الشك فيه في تعلق التكليف بالفرد المتعين أو بالطبيعة السارية في الأفراد بحيث يكون التخيير أحد طرفي الاحتمالين لا نتيجتهما حتى ينفى التعيين بالأصل ، لما عرفت من دورانه بين المتباينين نعم ربما يقال ـ بل قيل ـ بالتخيير العقلي هنا ، نظير تخيير المجتهد في الفتوى عند تعارض الدليلين الدائر مفادهما بين المحذورين مع عدم المرجح بناء على رجوع الشبهة فيه إلى الشبهة الحكمية ولو لاختلاف الأقوال في كونه مثليا أو قيميا.
ولا يخفى ضعفه مطلقا سواء أريد به تخيير الحاكم حيث يرجعان اليه أو الضامن عند الوفاء أو المالك عند المطالبة بعد أن كانت الشبهة في الموضوع اللازم فيه العمل بالاحتياط حيث يمكن ـ وقد عرفت إمكانه ـ أو القرعة أو الصلح القهري ، وهو واضح. نعم قد يشكل الاحتياط بالقيمة فيما لو قرر الفرض بوجه آخر يمكن فيه اجراء البراءة ، وهو ما لو دار المبدل المضمون بين أحد المعلومين المثلي والقيمي ، لا بين كونه مثليا أو قيميا ، كما لو كانا موجودين فتلفا وعلم استناد تلف أحدهما إليه دون الآخر ، وشك في كون المستند إليه أيهما :
أهو المثلي أو القيمي ، فان في الفرض مع اختلافهما في المالية الدائرة بين الأقل والأكثر يمكن الأخذ بالمتيقن ونفي الزائد عنه بالأصل ، كما لو كانت مالية أحدهما درهما والآخر درهمين ، فالأصل البراءة عن الزائد وان لم يثبت به عنوان الأقل من المثلي أو القيمي ، ومع التساوي في المالية وضبط مقدارها على التقديرين يحتمل وجوب دفع المثل رعاية لذات المال مع ضبط المالية فيهما.
هذا تمام الكلام فيما أردنا بيانه من مهمات مسألة القرض ، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
بهذا ينتهي الجزء الثالث ، ويليه الجزء الرابع وهو يحتوي رسالتين :
(رسالة في الوصية ، رسالة في المواريث)