خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلا ، فمرّ بي ، فدعاني ، فخرجت إليه ، ثم مرّ بأبي بكر فدعاه ، فخرج إليه ، ثم مرّ بعمر فدعاه ، فخرج إليه ، ثم انطلق يمشي حتى دخل حائطا لبعض الأنصار ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لصاحب الحائط : «أطعمنا بسرا» ، فجاء به ، فوضعه ، فأكل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأكلوا جميعا ، ثم دعا بماء فشرب منه ، ثم قال : «إنّ هذا النعيم لتسألنّ يوم القيامة عن هذا» ، فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض ثم تناثر البسر ، ثم قال : يا نبي الله إنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة؟ قال : «نعم ، إلّا من ثلاثة : خرقة يستتر (١) بها الرجل عورته ، أو كسرة يسدّ بها جوعته ، أو حجر يدخل فيها ـ يعني من الحرّ والقرّ» [١٠٦٧].
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أبو بكر القطيعي ، نا عبد الله بن أحمد (٢) ، حدّثني أبي ، نا بهز وأبو كامل ، قالا : ثنا حمّاد بن سلمة ، عن أبي عمران يعني الجوني ، عن أبي عسيب ـ أو أبي عسيم (٣) ـ قال بهز :
إنه شهد الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قالوا : كيف نصلي عليه؟ قال : ادخلوا أرسالا (٤) أرسالا ، قال : فكانوا يدخلون من هذا الباب فيصلّون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر ، قال : فلما وضع في لحده صلىاللهعليهوسلم قال المغيرة : وقد بقي من رجليه شيء لم يصلحوه ، قالوا : فادخل فأصلحه فدخل وأدخل يده ، فمسّ قدميه ، فقال : أهيلوا علي التراب ، فأهالوا عليه حتى بلغ أنصاف ساقيه ، ثم خرج فكان يقول : أنا أحدثكم عهدا برسول الله صلىاللهعليهوسلم.
أنبأنا أبو نصر محمّد بن الحسين بن البنّا ، وأبو طالب عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، قالا : أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ـ إجازة ـ أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا ابن سعد ، أنا أبو موسى بن إسماعيل قال : حدّثنا مسلمة بنت رئاب (٥) الفريعية قالت : سمعت ميمونة بنت أبي عسيب قالت : كان أبو عسيب
__________________
(١) كذا ، وفي سيرة ابن كثير : يستر.
(٢) مسند أحمد ٥ / ٨١.
(٣) له ترجمة في أسد الغابة ٤ / ٢١٤ ، ونقل ابن الأثير هذا الحديث ـ نقلا عن عبد الله بن أحمد ـ في ترجمته وانظر الإصابة ٤ / ١٣٤.
(٤) أي جماعات.
(٥) في سيرة ابن كثير : أبان.