بقرآن» قال : فعلمني ، فعلمه (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قال : زدني ، فما سمعت في البسيط ولا في الوجيز (١) أحسن من هذا قال : «يا أعرابي إنّ هذا كلام الله تعالى ليس بشعر ، إنك إن قرأت : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مرة كان لك كأجر من قرأ ثلث القرآن ، وإن قرأت مرتين كان لك كأجر من قرأ ثلثي القرآن ، وإذا قرأتها ثلاث مرات كان لك كأجر من قرأ القرآن كله» قال الأعرابي : نعم ، الإله إلهنا يقبل اليسير ، ويعطي الجزيل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألك مال؟» قال : فقال : ما في بني سليم قاطبة رجل هو أفقر مني ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه قال : «فأعطوه حتى أبطروه» فقام عبد الرحمن بن عوف وقال : يا رسول الله إن له عندي ناقة عشراء دون البختيّ وفوق الأغراء (٢) تلحق ولا تلحق ، أهديت إليّ يوم تبوك ، أتقرّب بها إلى الله تعالى وأدفعها إلى الأعرابي؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد وصفت ناقتك فأصف مالك عند الله تعالى يوم القيامة؟» قال : نعم ، قال : «لك ناقة من درّة جوفاء ، قوائمها من زبرجد أخضر ، وعنقها من زبرجد أصفر ، عليها هودج [و] على الهودج السندس والاستبرق ، وتمرّ بك على الصّراط كالبرق الخاطف ، يغبطك بها كل من رآك يوم القيامة».
فقال عبد الرّحمن : قد رضيت ، فخرج الأعرابي ، فلقيه ألف أعرابي من بني سليم على ألف دابة معهم ألف سيف وألف رمح ، فقال لهم : أين تريدون؟ قالوا : نذهب إلى هذا الذي سفّه آلهتنا فنقتله ، قالا : لا تفعلوا ، أنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّدا رسوله ، فحدّثهم الحديث فقالوا بأجمعهم : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، ثم دخلوا ، فقيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فتلقّاهم بلا رداء فنزلوا عن ركبهم يقبّلون حيث ولوا (٣) منهم ، وهم يقولون : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، ثم قالوا : يا رسول الله مرنا بأمرك ، قال :
«كونوا تحت راية خالد بن الوليد» (٤) ، فلم يؤمن من العرب ولا من غيرهم ألف غيرهم.
قال البيهقي : أخرجه شيخنا أبو عبد الله الحافظ في المهجرات (٥) بالإجارة وعن
__________________
(١) البيهقي : الرجز.
(٢) بالأصل «الأعرابي» وفي البيهقي : «الأعرى» والصواب ما أثبت ، والأغراء مفرد الغراء ويقصر ، ولد البقرة. وكل مولود غرا حتى يشتد لحمه (اللسان).
(٣) البيهقي : وافوا منه.
(٤) ورواه أبو نعيم في الدلائل رقم ٢٧٥ ص ٣٧٦ ونقله ابن كثير في البداية والنهاية عن البيهقي ٦ / ١٤٩ ونقله السيوطي في الخصائص ٢ / ٢٧٦.
(٥) البيهقي : في المعجزات بالإجازة.