أحمد (١) عبد الله بن عدي الحافظ في شعبان سنة اثنين (٢) وستين وثلاثمائة ـ بجرجان ـ نا محمّد بن علي بن الوليد السّلمي ، نا محمّد بن عبد الأعلى ، نا معتمر (٣) بن سليمان ، نا كهمس ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر ، عن ابن عمر عن عمر بن الخطّاب :
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان في محفل من أصحابه إذ جاء أعرابي من بني سليم وقد صاد ضبّا وجعله في كمه ليذهب به إلى رحله فيشويه ويأكله ، فلما رأى الجماعة قال : ما هذه؟ قال : هذا الذي يذكر أنه نبيّ ، قال : فجاء يشقّ الناس وقال : واللّات والعزّى ما اشتملت (٤) النساء على ذي لهجة أبغض إليّ منك ولا أمقت منك ، ولو لا أن يسميني قومي عجولا لعجّلت عليك فقتلتك فسررت بقتلك : الأسود والأحمر والأبيض وغيرهم ، فقال عمر بن الخطّاب : دعني يا رسول الله فأقوم فأقتله ، فقال : «يا عمر أما علمت أن الحليم كاد يكون نبيا» ثم أقبل على الأعرابي وقال له : «ما حملك على أن قلت ما قلت ، وقلت غير الحق ولم تكرمني (٥) في مجلسي» ، فقال : وتكلمني أيضا! استخفافا برسول الله ، واللّات والعزّى ، لا أمنت بك أو يؤمن بك هذا الضبّ ، فأخرج الضبّ من كمّه فطرحه بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا ضبّ» فأجابه الضبّ بلسان عربي مبين يسمعه القوم جميعا : لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة ، قال : «من تعبد يا ضبّ؟» قال : الذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر سبيله ، وفي الجنة رحمته ، وفي النار عقابه ، قال : «فمن أنا يا ضبّ»؟ قال : أنت رسول رب العالمين وخاتم النبيين ، وقد أفلح من صدّقك وقد خاب من كذّبك ، قال الأعرابي : لا ابتغ أثرا بعد يمين (٦) ، والله لقد جئتك وما على ظهر الأرض أحد أبغض إليّ منك ، وإنك اليوم أحبّ إليّ من والدي ، ومن عيني ، ومني ، وإني لأحبك بداخلي وخارجي وسرّي وعلانيتي ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله الذي هداك بي ، إنّ هذا الدين يعلو ولا يعلى ، ولا يقبل إلّا بصلاة ، ولا تقبل الصلاة إلّا
__________________
(١) بالأصل : أبو أحمد بن عبد الله ، حذفنا «بن» فهي مقحمة.
(٢) كذا.
(٣) في دلائل البيهقي : معمر ، خطأ.
(٤) الأصل : سملت؟ والمثبت عن البيهقي.
(٥) بالأصل : تكن مني ، والمثبت عن البيهقي.
(٦) في البيهقي : «لا أتبع أثرا بعد عين» وهذا أظهر.