فجاءه وهو جالس في فتية من بني عمّه فقال : يا آدم ، إن السّماء حبست قطرها ، والأرض نبتها وإن البادية أجحفت بنا ، وإن عيالي قد هلكوا جوعا ، ووقع النقار (١) في غنمي ، فانظر في أمري ، فقال آدم : يا ابن الخبيثة ، والله لوددت أن السماء صارت عليك طبق نحاس ، لا تبضّ بقطرة ، وأن الأرض ضنت عليك فلا تنبت سنبلة وأن عيالك ماتوا قبل أن تأتيني بخمسمائة سنة ، يا بليق (٢) خذه ، فوثب الكلب عليه فشق فروه وعقره ، فتنحّى الأعرابي غير بعيد ثم قال : يا آدم ، لقد خلقك الله فشوّه خلقك ، ورزقك العظمة في صرفك فأعضّك الله ببظر أمك وبظر أمهات هؤلاء الذين حولك.
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله بن البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزبير بن بكار قال : قال آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز :
يا أمين الله إني قائل |
|
قول ذي دين وبرّ وحسب |
عبد شمس لا تهنها إنما |
|
عبد شمس عمّ عبد المطّلب |
عبد شمس كان يتلو هاشما |
|
وهما بعد لأمّ ولأب |
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو محمد بن زبر ، نا الحسن بن عليل العنزي ، نا مسعود بن بشر المازني ، نا الأصمعي قال (٣) : كان آدم بن عبد العزيز وهو ابن عمر بن عبد العزيز في أيام حداثته يشرب الخمر ويفرط في المجون والخلاعة ويقول الشعر فرفع إلى المهدي إنه زنديق ، وأنشد شعرا له كان قاله في أيام الحداثة على طريق المجون ، فأخذه فضربه ثلاثمائة سوط يقرره بالزندقة فقال : والله لا أقر على نفسي بباطل أبدا ، ولو قطّعت عضوا عضوا ، والله ما أشركت بالله طرفة عين قط ، فقال المهدي فأين قولك :
اسقني واسق خليلي |
|
في مدى الليل الطويل |
قهوة صهباء صرفا |
|
سبيت من نهربيل (٤) |
__________________
(١) في القاموس : ونقرت الشاة أصابتها النقرة ـ كهمزة ـ وهو داء في أرجلها.
(٢) اسم كلبه.
(٣) الخبر والأبيات في تاريخ بغداد ٧ / ٢٦ والأبيات في معجم البلدان (نهربيل) والأغاني ١٥ / ٢٨٧.
(٤) نهر بيل لغة في نهر بين ، طسوج من سواد بغداد (معجم البلدان).