دعوات سليمان الحارة إلى الله تعالى ، ثم ينهض من أمام المذبح ، ويداه مبسوطتان إلى السماء ، ليعلن أمام خراف بيت إسرائيل الضالة «ليعلم كل شعوب الأرض أن الرب هو الله ، وليس آخر ، فليكن قلبكم كاملا لدى الرب إلهنا ، إذ تسيرون في فرائضه ، وتحفظون وصاياه» (١) ، ثم يشكر الرب على أنعمه التي أسبغها عليه وعلى بيت أبيه من قبل ، سائلا إياه سبحانه وتعالى أن يجيب دعوات بني إسرائيل حين يدعونه في هذا البيت ، وأن يغفر لهم خطاياهم (٢) ، ثم تنتهي الاحتفالات بتقديم الذبائح لرب إسرائيل ، والتي بلغت عددا كبيرا جدا ، وصل إلى «اثنين وعشرين ألفا من البقر ، ومن الغنم مائة ألف وعشرين ألف ، فدشن الملك وجميع بني إسرائيل بيت الرب» (٣).
وعلى أية حال ، فإن المسجد الذي بناه سليمان إنما قد دمر تماما أثناء غزو «نبوخذ نصر» للقدس عام ٥٨٦ ق. م ونهب الغزاة القدس وأشعلوا فيها النيران وأحرقوا القصر الملكي والمسجد ، وهكذا ضاع كل أثر للمسجد ، ومعه البقية الباقية من التابوت الذي كفت الروايات عن ذكره بعد نقله لمعبد سليمان (٤) ، ولم يستطع القوم إعادة البناء إلا عام ٥١٥ ق. م. ، على أيام الملك الفارسي «دارا الأول» (٥) ، ثم دمر المعبد الثاني هذا عام ٧٠ م على يد القائد الروماني تيتوس ، وأضرمت النيران في المدينة ، وهدم المعبد وضارعت آثاره تماما ، حتى أن الناس قد نسوا فيما بعد ، إذا كان هذا المعبد
__________________
(١) ملوك أول ٨ / ٦٠ ـ ٦١.
(٢) ملوك أول ٨ / ٢٥ ـ ٣٤.
(٣) ملوك أول ٨ / ٦٢ ـ ٦٥ ، وانظر : تاريخ ابن خلدون ٢ / ١١٣.
(٤) محمد بيومي مهران ، إسرائيل ٢ / ٩٩٧ ـ ١٠٠٤ ، وكذا K. M. Kenyon, Archaeologyin the M. Noth, The History of Israel, London, ٢٨٧.p ، ١٩٦٥. وكذاHaly Land ,P. ٢٩١
(٥) محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ١٠٣٦ ـ ١٠٤٩ ، وكذا : عزرا ٣ / ٧ ، ٦ / ١٥ ، قاموس الكتاب المقدس ٢ / ١٠١٤ ، وكذا C. Roth, AShort History of the Jewish People, London, ٥٥ ـ ٥٤.p ، ١٩٦٩ وكذاS.A.Cook ,op ـ cit ,p. ٤٠٩ وكذاM.Noth ,op ـ cit ,p. ٣١٤.