وتذهب الروايات العربية إلى أن ملكة سبأ هذه إنما كانت تسمى «بلقيس» أو «بلقمة أو يلقمة» (١) ، ويرى أستاذنا الدكتور أحمد فخري ، طيب الله ثراه ، أن أحد الاسمين ، وربما كان يلقمه ، نتيجة خطأ في النقل عن الآخر ، وربما كان اسم الإله الوثني «الموقاة» (بمعنى إيل قوي ، أي الله قوي) يدخل تركيبه ، أما اسم «بلقيس» الذي تكرر ذكره في كتب المؤرخين المسلمين ، فلم يرد على الإطلاق بين الأسماء السبئية (على الأقل حتى الآن) وهناك احتمال بأنه منقول عن العبرية التي نقلته عن اليونانية ، ومعناه «أمة» ، أو «جارية» (٢) ، وأما أستاذنا الدكتور حسن ظاظا ، فالرأي عنده أن اسم هذه الملكة لم يكن يقينا «بلقيس» ، وربما كانت هذه صفة تنطق في العبرية والآشورية «بلجشن» أو «فلجش» ، ومعناه العشيقة أو الزوجة غير الشرعية ، والراجح أن ملكة سبأ وصمت بذلك من الشعب اليهودي الذي لم يكن يستريح إلى مثل هذه الصلات بين ملوكه والنساء الأجنبيات (٣).
وأيا ما كان اسم ملكة سبأ التي زارت سليمان عليهالسلام ، وأيا كان السبب في تسميتها بهذا الاسم أو ذاك ، كما تذكره المصادر العربية والعبرية واليونانية والحبشية ، فالتوراة تزعم أن ملكة سبأ إنما كانت تهدف من وراء زيارتها هذه إلى البحث عن الحكمة وامتحان سليمان ، وأنها حينما تأكدت من حكمته وعظمة ملكه ، سرعان ما قدست إله إسرائيل ، الذي جعل سليمان ملكا تجري على يديه الحكمة وفصل الخطاب ، ثم دعت إله إسرائيل أن يثبت عرشه إلى الأبد «ليكن مباركا إلهك الذي سر بك وجعلك على كرسي
__________________
F. Altheim and R. Steihl, Die Arabier in der Alten Welt, Berlin, I, ١١٤.p ، ١٩٦٤.
(١) تاريخ الطبري ١ / ٤٨٩ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٩ ، البكري ٤ / ١٢٩٨ ، ابن كثير : البداية والنهاية ٢ / ٢١.
(٢) أحمد فخري : المرجع السابق ص ٧٣.
(٣) حسن ظاظا : المرجع السابق ص ١٣٣.