يؤيد هذا أن «عالي» الكاهن لم يكن من بيت «العازار» الابن الأكبر لسيدنا هارون عليهالسلام ، والذي يجب أن تستمر الخلافة في نسله ، وإنما كان من بيت الابن الأصغر «إيثمار) ومنها (رابعا) أن ولدي عالي الكاهن (حفني وفيخاض) لم يكتفيا بطمعهما الجشع ، بل كانا يرتكبان أقذر أنواع العبادة الوثنية وسط كروم شيلوه ، حتى أنهما ، رغم أنهما متزوجين ، لم يترددا عن إفساد النسوة اللاتي كن يترددن على المعبد للقيام بالخدمات التي كانت تتطلب عملا لا يليق بالنساء (١).
ومنها (خامسا) أن هناك نصا في التوراة يجعل الحكم في إسرائيل ملكيا (٢) ، ومنها (سادسا) التهديد العموني لحدود إسرائيل الشرقية ، ولعل هذا السبب ، بجانب التهديد الفلسطيني وتدمير للكثير من مدن إسرائيل ، كان السبب المباشر لقيام الملكية الإسرائيلية (٣) ، وهكذا أدى التهديد الخارجي ، والاضطراب الداخلي إلى أن يضطر شيوخ إسرائيل إلى الاجتماع والمطالبة بتتويج ملك على شعب إسرائيل ، وهكذا اختار لهم «صموئيل النبي» ملكا على إسرائيل هو «شاؤل بن قيس» من سبط بنيامين ، ومع ذلك ، فإن رواية التوراة إنما تشير إلى أنه تردد كثيرا في إجابة شيوخ إسرائيل إلى ما يطلبون ، بل (٤) لقد ساء الأمر في عيني صموئيل» ، وحذر قومه من غضب الرب ، إن هو رضي فملك عليهم ملكا ، ولكن احتجاج صموئيل كان عديم الجدوى ، إذ أصرّ شيوخ إسرائيل على رأيهم ، ومع ذلك فما كان عند صموئيل النية في إقامة ملك مستقل حقيقة ، بل كان كل ما يرجوه أن يكون قائدا حربيا وزعيما
__________________
(١) صموئيل أول : ٢ / ٢٢ ـ ٢٥ ، ف. ب. ماير : حياة صموئيل النبي ـ القاهرة ١٩٦٧ ص ٣٥ ، ٦٥ (مترجم).
(٢) تثنية ١٧ / ١٤ ـ ١٥.
(٣) انظر : محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ٦٦١ ـ ٦٦٧.
(٤) تثنية ١٧ / ١٤ ـ ١٥.