أورشليم بمعنى «ميراث السلام» أما أحبار اليهود فيدعون أن «سام بن نوح» قد سماها «شلم» أي السلام ، وأن إبراهيم الخليل عليهالسلام ، قد سماها «يرأه» ، وهي باللغة العبرية بمعنى الخوف ، فقرر الله أن يسميها بالاسمين معا ، «يرأه ـ شلم» أي «أورشليم» بمعنى الخوف والسلام ، وبنوا على هذه التخريجات الفلوكلورية عقائد رهيبة حول السلام المتولد عن الرعب ، وقيل أيضا أن «يرو» يمكن أن تكون في اللغات السامية بمعنى «إله» ، ويكون اسم المدينة بكل بساطة «مدينة إله السلام» (١).
وأيا ما كان الأمر ، فما أن يأتي الرومان ، وتحدث مذبحة «هدريان» (١١٧ ـ ١٣٨ م) عام ١٣٥ م ، حتى تكون ختاما نهائيا لليهود في فلسطين سياسيا وسكانيا ، ثم يغير الرومان اسم المدينة إلى «إيليا كابيتولينا» أو «إيليا» فقط ، ويصبح لفظ أورشليم لفظا تاريخيا ، يطلق فقط على المدينة التي كانت على عهد الملوك والأنبياء من بني إسرائيل ، وظلت المدينة تسمى «إيليا» ولا يسكنها اليهود حتى القرن السابع الميلادي ، وفي العام الخامس عشر الهجري يفتح المسلمون المدينة المقدسة ، ويعيدون إليها اسمها «القدس» ، وإن اشترط أهلها ألا تسلم مدينتهم إلا للخليفة الراشد عمر بن الخطاب ، رضوان الله عليه ، وأن يمنحهم الأمان لدينهم وكنائسهم ، ويقبل الخليفة أن يتسلم المدينة بنفسه ، ويأتي إلى القدس في عام ١٥ ه (أو عام ١٦ ه ٦٣٥ م) ويتسلم المدينة من البطريرك «صفرنيوس» ، ويمنح أهلها النصارى الأمان في دينهم وأموالهم وأعراضهم ، لا يضار أحد منهم بسبب دينه ، ولا يكره على شيء في أمره ، ولا يسكن معهم أحد من اليهود (٢) ، وبينما كان الخليفة الراشد في كنيسة القيامة مع البطريرك أدركته
__________________
(١) حسن ظاظا : المرجع السابق ص ٩.
(٢) هناك رواية أخرى تذهب إلى أن الفارق عمر رفض الموافقة على استمرار القرار الروماني ـ