الأمر الذي سبقهم إليه المصريون بآلاف السنين (١).
وعلى الجملة ، وكما يقول الأستاذ العقاد ، يبدو سفر أيوب غريبا في موضعه وموضوعه بين أسفار العهد القديم ، ولم يكن من عادة بني إسرائيل أن يجمعوا كتابا لغير أنبيائهم المتحدثين عن ميثاقهم وميعادهم ، ولكنهم جمعوا هذا السفر مع الأسفار المشهورة لأنهم وجدوه في بقاع فلسطين الجنوبية ، محفوظا يتذاكره الرواة ، وحسبه بعضهم من كلام موسى ، وبعضهم من كلام سليمان ولا عجب أن يشيع هذا الكتاب العجيب ، حيث تسامع به الناس ، فإنه عزاء للمتعزين ، وعبرة صالحة للمعتبرين ، ولا تزال قصة أيوب منظومة شائعة يتغنى بها شعراء اللغة الدارجة في مصر والشام (٢).
وأما زمن كتابة سفر أيوب ، فهو موضع خلاف بين الباحثين ، فهناك من يرجحه إلى عصر الآباء الأوائل ، بل إن «هاليس» إنما يجعل من عام ٢٣٠٠ ق. م تاريخا لأيوب ، اعتمادا على أن السفر لم يشر بكلمة واحدة إلى خروج بني إسرائيل من مصر ، والذي نراه حوالي عام ١٢١٤ ق. م (٣) ، فضلا عن المدن التي دمرتها الزلازل وقت ذاك ، كما أنه لم يرد في صلب السفر أي ذكر ليهوه رب إسرائيل ، وإنما ورد ذلك في المقدمة والذيل ، وهما مضافان بعد عصره ، كما هو راجح عند شراح التوراة (٤).
على أن هناك وجها آخر للنظر يذهب إلى أن سفر أيوب أنما كتب على أيام سليمان عليهالسلام (٩٦٠ ـ ٩٢٢ ق. م) ، وحجتهم أنه يحمل بين ثناياه
__________________
(١) حبيب سعيد : المدخل إلى الكتاب المقدس ص ١٥٣.
(٢) عباس العقاد : إبراهيم أبو الأنبياء ص ١٦٣.
(٣) أنظر عن تاريخ خروج بني إسرائيل من مصر والآراء التي دارت حوله (محمد بيومي مهران : إسرائيل ١ / ٣٥٧ ـ ٤٣٩).
(٤) عباس العقاد : المرجع السابق ص ١٦٠ ـ ١٦١ ، قاموس الكتاب المقدس ١ / ١٤٨.