إشارات من ذلك العهد (١) ، على أن هناك وجها ثالثا للنظر يذهب إلى أن السفر قد كتب قبل السبي البابلي (٥٨٦ ـ ٥٣٩ ق. م) ، وربما في عصر النبي إرميا (٦٢٦ ـ ٥٨٠ ق. م) بالذات ، ذلك لأن النبي حزقيال (٥٩٣ ـ ٥٧٢ ق. م) إنما يذكر رجلا اسمه أيوب مثالا للبر ، مع نوح ودانيال (٢) ، وأن ذهب البعض إلى أن حزقيال لم يستق الفكرة من سفر أيوب في وضعه الحالي ، ولعل صورة من القصة النثرية كانت في ذهن النبي عن رجل خرج مبررا من أقسى تجربة ، وأمر محنة جازها إنسان (٣) ، وأما الجزء الشعري من السفر ، فيرجع إلى تاريخ متأخر ، ذلك لأن الإيمان بإله واحد ثابت فيه بوضوح ، فضلا عن محاولته الجادة تبرئة نفسه من خطيئة عبادة الشمس والقمر ، ووصفه لله القدير بأنه أعلى من في السموات ، وأعمق من الهاوية ، وأعرض من البحر ، ولم يذكر شيئا عن «البعل» وغيره من الآلهة الوثنية التي عبدتها الشعوب قبل السبي البابلي (٤) ، وأخيرا فهناك وجه رابع للنظر يذهب إلى أن سفر أيوب إنما كتب بعد السبي البابلي بسبب الصراع الواضح فيه بشأن الثواب والعقاب (٥).
وأما لغة سفر أيوب ففيها تأثيرات أرامية وعربية لا تخطئها العين (٦) ، وربما تشير إلى تاريخ متأخر لكتابة السفر (٧) ، ومن ثم ذهب البعض إلى
__________________
(١) قارن : أيوب ١٥ / ٨ ، ٢٦ / ١ ـ ١٤ ، بالإصحاح الثامن من سفر الأمثال (M.F.Unger ,op ـ cit ,P. (٥٩٤.
(٢) حزقيال ١٤ / ١٤.
(٣) حبيب سعيد : المرجع السابق ص ١٥٣.
(٤) أيوب ٣١ / ٢٦ ـ ٢٨ ، عباس العقاد : المرجع السابق ص ١٦١ ، حبيب سعيد : المرجع السابق ص ١٥٣.
(٥) قاموس الكتاب المقدس ١ / ١٤٨.
(٦) D.S.Margoliouth ,op ـ cit ,P.F ١٤٩. وكذاj.A.Montgomery ,op ـ cit ,P. ١٥ ، ٨.
(٧) قاموس الكتاب المقدس ١ / ١٤٨.