وكذا قال الضحاك ، على أن هناك فريقا آخر ، وهو أكثر المفسرين ، يذهب إلى أن إلياس إنما هو نبيّ من أنبياء بني إسرائيل ، وهو إلياس بن ياسين من ولد هارون أخي موسى عليهالسلام ، وأن الله تعالى بعثه في بني إسرائيل بعد حزقيل ، عليهماالسلام ، وكانوا قد عبدوا صنما يقال له «بعل» فدعاهم إلى الله تعالى ، ونهاهم عن عبادة ما سواه (١).
ولعنا نستطيع القول ، ولكن بحذر (٢) ، إن إلياس النبي عليهالسلام الذي جاء ذكره في القرآن الكريم ، إنما هو «إيليا» (وهو صيغة مختصرة من إلياهو بمعنى الله يهوه) الذي جاء ذكره في العهد القديم ، معتمدين في ذلك على قصة هذا النبي الكريم ، كما جاءت في التوراة والقرآن العظيم ، فقصة التوراة تشير إلى عبادة «بعل» في إسرائيل على أيام الملك «أخاب» (٨٦٩ ـ ٨٥٠ ق. م) وزوجه «إيزابيل» الصورية ، ثم معارضة إيليا العنيفة لهذه الوثنية الصورية ودعوته إلى عبادة الله (يهوه) رب إسرائيل (٣) ، وأما في القرآن الكريم ، فقد ذكر إلياس عليهالسلام في سورة الأنعام حيث يقول تعالى : (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٤) ، وفي سورة الصافات ، حيث يقول تعالى : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ، إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ ، أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ ، اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ، فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ، وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي
__________________
(١) تفسير النسفي ٤ / ٢٧ ، تفسير ابن كثير ٤ / ٣٠ ، تفسير الطبري ٢٣ / ٩١ ـ ٩٢ ، تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ١٦١.
(٢) الأرجح ، فيما يرى صاحب الظلال (٥ / ٢٩٩٧) أنه النبي المعروف في العهد القديم باسم إيلياء.
(٣) ملوك أول ١٦ / ٢٩ ـ ٣٣.
(٤) سورة الأنعام : آية ٨٥ ، وانظر : تفسير المنار ٧ / ٤٨٧ ـ ٤٩٠ ، تفسير الطبري ١١ / ٥٠٨ ٥١٠ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.