ومنها (سابعا) : ولم يكن جبارا : لم يكن متكبرا متعاليا عن قبول الحق والإذعان له أو متطاولا ولا على الخلق ، وقيل الجبار : هو الذي لا يرى لأحد عليه حقا ، وعن ابن عباس أنه هو الذي يقتل ويضرب على الغضب (١) ، والمراد وصفه بالتواضع ولين الجانب ، وذلك من صفات المؤمنين ، وقد وصف الله تعالى نبيّه سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم بقوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (٢) ، قال الحسن البصري : هذا خلق محمد صلىاللهعليهوسلم بعثه الله به ، هذا ولأن رأس العبادات معرفة الإنسان نفسه بالذل ، ومعرفة ربه بالعظمة والكمال ، ومن عرف نفسه بالذل ، وعرف ربه بالكمال ، كيف يليق به الترفع والتكبر ، ولذا فإن إبليس لما تجبر وتمرد صار مبعدا عن رحمة الله وعن الدين (٣).
ومنها (ثامنا) ولم يكن عصيا : والعصي أبلغ من العاصي ، كما أن العليم أبلغ من العالم ، والمراد المبالغة في النقي ، لا نفي المبالغة ، وقيل : عصيا : مخالفا أمر مولاه عزوجل ، وقيل : عاقا لأبويه ، ويقول الطبري : ولم يكن جبارا عصيا ، أي لم يكن مستكبرا عن طاعة الله وطاعة والديه ، ولكنه كان لله ولوالديه ، متواضعا متذللا ، يأتمر لما أمر به ، وينتهي عما نهي عنه ، لا يعصي ربه ولا والديه (٤).
ومنها (تاسعا) «وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا : وفيه أقوال ، أحدهما : قال الطبري : وأمان من الله يوم ولد من أن يناله الشيطان
__________________
(١) تفسير روح المعاني ١٦ / ٧٣.
(٢) سورة آل عمران : آية ١٥٩ ، وانظر : تفسير الطبري ٤ / ١٥٠ ـ ١٥٣ ، تفسير ابن كثير ١ / ٦٢٨ ـ ٦٣٠ تفسير روح المعاني ٤ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ، في ظلال القرآن ١ / ٥٠٠ ـ ٥٠١ ، تفسير النسفي ١ / ١٩١.
(٣) تفسير الفخر الرازي ٢١ / ١٩٣.
(٤) تفسير الطبري ١٦ / ٥٨.