قال : خذوا كل دينكم عن الزهراء ، وعدم هذا القول في حق من دل العقل والنقل على علمه ، لا يدل على مفضوليته ، وإلا لكانت عائشة أفضل من أبيها ، رضي الله تعالى عنه ، لأنه لم يرو عنه في الدين إلا قليل ، لقلة لبثه وكثرة غائلته بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، على أن قوله صلىاللهعليهوسلم : «إني تركت فيكم الثقلين ، كتاب الله تعالى وعترتي ، لا يفترقان حتى يردا على الحوض» ، يقام مقام ذلك الخبر وزيادة ، كما لا يخفي ، كيف لا ، وفاطمة ، رضي الله تعالى عنها ، سيدة تلك العترة؟.
وأما (ثانيا) فلأن الحديث الثاني معارض بما يدل على أفضلية غيرها ، رضي الله تعالى عليها ، فقد أخرج ابن جرير عن عمار بن سعد أنه قال ، قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فضلت خديجة على نساء أمتي ، كما فضلت مريم على نساء العالمين» بل هذا الحديث أظهر في الأفضلية وأكمل في المدح ، عند من انجاب عن عين بصيرته عين التعصب والتعسف ، لأن ذلك الخبر ، وإن كان ظاهرا في الأفضلية ، لكنه قيل ، ولو على بعد ، إن «أل» في النساء فيه للعهد ، والمراد بها الأزواج الطاهرات الموجودات حين الإخبار ، ولم يقل مثل ذلك في هذا الحديث ، وأما (ثالثا) فلأن الدليل الثالث يستدعى أن يكون سائر زوجات النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين ، عليهم الصلاة والسلام ، لأن مقامهم بلا ريب ، ليس كمقام المحمود صلىاللهعليهوسلم فلو كانت الشركة في المنزل مستدعية للأفضلية ، لزم ذلك قطعا ، ولا قائل به.
وبعد هذا كله ، الذي يدور في خلدي : أن أفضل النساء قاطبة : فاطمة ثم أمها (خديجة) ثم عائشة ، بل لو قال قائل إن سائر بنات النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل من عائشة ، لا أرى عليه بأسا ، وعندي بين مريم وفاطمة توقف نظرا للأفضلية المطلقة ، وأما بالنظر إلى الحيثية ، فقد علمت ما أميل إليه ، وقد سئل الإمام السبكي ، عن هذه المسألة فقال : الذي نختاره وندين الله تعالى به ، أن فاطمة بنت محمد صلىاللهعليهوسلم أفضل ، ثم أمها ثم عائشة ، ووافقه في ذلك البلقيني ،