ويؤيد الألوسي قوله بأن اصطفاء مريم على نساء عالمها ، ولا يلزم منه أفضليتها على الزهراء ، بضعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بما أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : أربع نسوة سادات عالمهن : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلىاللهعليهوسلم وأفضلهن عالما فاطمة» ، وما رواه الحرث بن أسامة في مسنده بسند صحيح ، لكنه مرسل «مريم خير نساء عالمها» ، وإلى هذا ذهب أبو جعفر رضي الله تعالى عنه (أي الإمام محمد الباقر) ، وهو المشهور عن أئمة أهل البيت ، والذي أميل إليه (أي العلامة الألوسي) : أن فاطمة البتول أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات من حيث أنها بضعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بل ومن حيثيات أخرى أيضا ، ولا يعكر على ذلك الأخبار السابقة لجواز أن يراد بها أفضلية غيرها عليها من بعض الجهات وبحيثية من الحيثيات ، وبه يجمع بين الآثار ، وهذا شائع على القول بنبوة مريم أيضا ، إذ البضعية من روح الوجود وسيد كل موجود صلىاللهعليهوسلم لا أرها تقابل بشيء ، وأين الثريا من يد المتناول ، ومن هنا يعلم أفضليتها على عائشة ، رضي الله تعالى عنها ، الذاهب إلى خلافها الكثير ، محتجين بقوله صلىاللهعليهوسلم : «خذوا ثلثي دينكم عن الحميراء» وقوله صلىاللهعليهوسلم : «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام» ، وبأن عائشة يوم القيامة في الجنة مع زوجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وفاطمة يومئذ فيها مع زوجها علي ، كرم الله تعالى وجهه في الجنة ، وفرق عظيم بين مقام النبي صلىاللهعليهوسلم ومقام علي كرم الله وجهه.
وأنت تعلم ما في هذا الاستدلال ، وأنه ليس بنص على أفضلية الحميراء على الزهراء ، أما (أولا) فلأن قصارى ما في الحديث الأول ، على تقدير ثبوته ، إثبات أنها عالمة إلى حيث يؤخذ منها ثلثا الدين ، وهذا لا يدل على نفي العلم المماثل لعلمها عن بضعته الزهراء صلىاللهعليهوسلم ، ولعلمه صلىاللهعليهوسلم أنها لا تبقى بعده زمنا معتدا به يمكن أخذ الدين منها فيه لم يقل فيها ذلك ، ولو علم لربما