الْعالَمِينَ) (١) ، وهنا يجب أن نلاحظ أمرين : أحدهما : أن القرآن الكريم لم يذكر اسم أية امرأة ، إلا مريم بنت عمران ، أم المسيح عليهماالسلام ، والهدف واضح هو ألا يكون في براءتها وطهرها أية ريبة لمستريب ، وثانيهما : أن القرآن الكريم قد أطلق اسمها على سورة من سوره ، الأمر الذي لم يحدث لغيرها من النساء ، وفي حاشية الصاوي على الجلالين : قال بعض العلماء : إن الحكمة في أن الله لم يذكر في القرآن امرأة باسمها ، إلا «مريم» هي الإشارة من طرف خفي إلى رد ما قاله النصارى من أنها زوجته ، فإن العظيم يأنف من ذكر اسم زوجته بين الناس ولينسب إليها عيسى باعتبار عدم وجود أب له ، ولهذا قال تعالى : (اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) (٢).
ويستمر السياق القرآني فيذكر مشهدا جديدا من القصة ، يقول تعالى : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا ، فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا) (٣) ، ولا يذكر السياق القرآني كيف حملت مريم وليدها المبارك ، ولا كم حملته ، وهل كان حملا عاديا كما تحمل النساء ، وتكون النفخة قد بعثت الحياة والنشاط في البويضة فإذا هي علقة فمضغة فعظام ثم تكسى باللحم ويستكمل الجنين أيامه المعهودة؟ إن هذا جائز ، فبويضة المرأة تبدأ بعد التلقيح في النشاط والنمو حتى تستكمل تسعة أشهر قمرية ، والنفخة تكون قد أدت دور التلقيح فصارت البويضة سيرتها الطبيعية ، كما أنه من الجائز في مثل هذه الحالة الخاصة ألا تسير البويضة بعد النفخة سيرة عادية ، فتنحصر المراحل اختصارا ، ويعقبها تكوين
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٤٢ ، وانظر : تفسير الفخر الرازي ٨ / ٤٢ ـ ٤٤ ، تفسير الطبري ٣ / ٢٦٢ ـ ٢٦٤ ، تفسير ابن كثير ١ / ٥٤٢ ـ ٥٤٤ ، تفسير النسفي ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨ ، تفسير روح المعاني ٣ / ١٥٤ ـ ١٥٦ ، تفسير القرطبي ص ١٣٢٤ ـ ١٣٢٦ ، تيسير الكريم الرحمن ١ / ١٨٢ ، تفسير المنار ٣ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧.
(٢) صفوة التفاسير ١ / ٢٠٤.
(٣) سورة مريم : آية ٢٢ ـ ٢٣.