ساعتها (١) ، هذا واختلفوا كذلك في سن مريم يوم حملت بالسيد المسيح ، بين أن تكون بنت عشر سنين أو خمس عشرة أو سبع عشرة أو عشرين ، وقيل أنها كانت حاضت حيضتين قبل أن تحمل ، وليس في القرآن ما يدل على شيء من هذه الأحوال (٢).
وأيا ما كان الأمر ، فلقد حملت مريم الطاهرة البتول بالمسيح ، كلمة الله وروحه ، ثم انتبذت به مكانا قصيا ، وقد اختلف المفسرون في المكان الذي انتبذت مريم بعيسى لوضعه ، وأجاءها إليه المخاض ، فقال بعضهم : كان ذلك في أدنى أرض مصر ، وآخر أرض الشام ، وذلك أنها هربت من قومها لما حملت ، فتوجهت نحو مصر هاربة منهم (٣) ، على أن هناك رواية أخرى ، وهي الأرجح ، أنها ولدته في «بيت لحم» (٤) ، ويؤكده أن أحاديث الإسراء من رواية النسائي عن أنس ، والبيهقي عن شداد بن أنس ، أن ذلك كان في بيت لحم ، وهو المشهور ، ولا يشك النصارى أن المسيح ولد في بيت لحم (٥) ، وفي مروج الذهب يقول المسعودي أن مولد المسيح كان في يوم الأربعاء (الثلاثاء عند اليعقوبي) لأربع وعشرين ليلة خلت من كانون الأول (ديسمبر) (٦) ، وقال ابن العميد ، مؤرخ النصارى ، فيما يروي عنه ابن
__________________
(١) في ظلال القرآن ٢ / ٨٦٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي ٢١ / ٢٠١ ، تفسير النسفي ٣ / ٣٢ مروج الذهب للمسعودي ١ / ٧٦ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٧٥.
(٣) تفسير الطبري ١٦ / ٦٤ (بيروت ١٩٨٤).
(٤) بيت لحم : مدينة على مبعدة خمسة أميال جنوب القدس ، وقد بنت الامبراطور «هيلانة» حوالي عام ٣٣٠ م كنيسة هناك فوق المغارة التي يظن النصارى أن المسيح ولد فيها ، وهي أقدم كنيسة مسيحية في العالم (قاموس الكتاب المقدس ١ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ وكذا (M.F.Unger ,op ـ cit ,P. ١٤٠ ولكن القرآن الكريم يذكر أنه ولد عند جذع نخلة (مريم آية ٢٣) ومن ثم فالصحيح أنه ولد عند جذع نخلة أو عند بيت لحم ، وليس في مغارة.
(٥) تفسير ابن كثير ٣ / ١٨٩ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ١٧١ ، وانظر : إنجيل متى ٢ / ١ ـ ٦ ، لوقا ٢ / ٤ ـ ٦.
(٦) مروج الذهب للمسعودي ١ / ٧٦ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٦٨.