داود عليهالسلام ، من خلق كريم منذ حداثة سنه؟ وهل من البر أن يخون الإنسان ، أي إنسان ، رجالا في أعراضهم في وقت تدق فيه الحرب طبولها ، إنه التناقض إذن ، وهو لحن يميز اليهود عن سائر البشر ، ولا بأس على الذين يقتلون الأنبياء بغير حق (١) ، أن يدمروا سمعه من لم يقتلوهم أيضا بغير حق ، وكم من حوادث رهيبة تسجلها التوراة من هذا النوع دون تعقيب عليها ، مع أن أحداثها تدور في بيوت الأنبياء (٢).
ومن عجب أننا نقرأ في سفر صموئيل الثاني ، نفس السفر الذي روي القصة الكذوب ، نقرأ على لسان داود عليهالسلام «يكافئني الرب حسب بري ، حسب طهارة يدي ، يرد علي ، لأنني حفظت طرق الرب ، ولم أعصي إلهي ، لأن جميع أحكامه أمامي وفرائضه لا أحيد عنها ، وأكون كاملا لديه ، وأتحفظ من إثمي ، فيرد الرب على كبرى ، وكطهارتي أمام عينيه» (٣) ، هذا فضلا عن نصوص أخرى من التوراة نفسها تصف داود عليهالسلام ، وكأنه يعمل المستقيم في عيني الرب ، وأنه الأسوة الحسنة لغيره (٤) ، وأنه كان «يجري قضاء وعدلا لكل شعبة» (٥) ، وأن الرب كان معه حيث توجه (٦) ، لأنه
__________________
(١) انظر : سورة البقرة : آية ٦١ ، ٨٧ ، ٩١ ، آل عمران : آية ١١٢ ، المائدة : آية ٧٠ ، وانظر : تفسير الطبري ٢ / ١٣٩ ـ ١٤٢ ، ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ، ٣٥٠ ـ ٣٥٤ ، ٧ / ١١٦ ـ ١١٨ ، ١٠ / ٤٤٧ ، تفسير ابن كثير ١ / ١٤٥ ـ ١٤٧ ، ١٧٥ ـ ١٧٩ ، ٢ / ٧٧ ـ ٨٦ ، ٣ / ١٤٨ ، تفسير المنار ١ / ٢٧٣ ـ ٢٧٦ ، ٣١١ ، ٣١٧ ـ ٣١٨.
(٢) تكوين ١٢ / ١٤ ـ ٢٠ ، ١٩ / ٣٠ ـ ٣٨ ، ٢٠ / ١ ـ ١٨ ، ٢٦ / ١ ـ ١١ ، ٣٤ / ١ ـ ٣٠ ، ٣٥ / ٢٢ ، ٣٨ / ٣٠٦ ، صموئيل ثان ١٣ / ١ ـ ٣٩ ، ١٥ / ١ ـ ١٦ / ٢٣ ، وانظر : محمد بيومي مهران : إسرائيل ـ الكتاب الثالث ـ التوراة والأنبياء ص ١٦٢ ـ ٢١٨.
(٣) صموئيل ثان ٢٢ / ٢١ ـ ٢٥.
(٤) ملوك أول ١١ / ٣٨ ، ١٥ / ٣ ، ملوك ثان ١٨ / ٣ ، هوشع ٣ / ٥.
(٥) صموئيل ثان ٨ / ١٥.
(٦) ملوك أول ٣ / ٣ ـ ٦.