الجيش ، وكان من يوضع أمامه لا يرجع حتى يقتل ، ولما قتل زوجها وانقضت عدتها خطبها داود لنفسه ، ولكنها اشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده ، وكتبت بذلك كتابا أشهدت عليه خمسة من بني إسرائيل ، وقد أنجبت له سليمان ، فإنما شبّ تسوّر عليه الملكان المحراب ، فكان شأنهما ما قص الله في كتابه ، وخر داود ساجدا ، فغفر الله له وتاب عليه (١).
وهكذا تابع بعض المؤرخين والمفسرين رواية توراة اليهود المتداولة اليوم ، إلى حد ما ، حين صورت النبي الأواب الذي آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب ، وهو يتمشى فوق سطح قصره ، فيرى امرأة رائعة الجمال ، وهي تستحم عارية ، فيسأل عنها بعضا من بطانته ، ويعرف أنها «بتشبع» امرأة أوريا الحثي ، فيرسل إليها من يأتيه بها ، ثم ينال منها وطره ، وهي مطهرة من طمثها ، وسرعان ما تحبل المرأة من فورها ، وحين تتأكد من حملها تخبر داود بالأمر ، فيرسل إلى زوجها يستدعيه من ميدان القتال ، حتى إذا ما ظهر الحمل بعد ذلك على المرأة ظن الناس أنه من زوجها ، غير أن أوريا يأبى أن يدخل على امراته ، ويصر على العودة إلى ميدان القتال ، ومن ثم يأمر داود بأن يوضع أوريا في وجه العدو ، وأن له مثلا برجل يملك نعجة واحدة ، وآخر يملك غنما وبقرا كثيرا ، ثم جاء للغني ضيف فأخذ نعجة الرجل الفقير ، وهيأ منها طعاما لضيفه ، فحكم داود بأن يقتل الرجل الفاعل ذلك ، ويرد النعجة أربعة أضعاف فقال ناثان لداود : أنت هو الرجل (٢).
وهكذا تنتهي رواية العهد القديم الكذوب عند هذا الحد المحزن ، فهل كان النبي الأواب كذلك؟ وهل هذا الاتهام يتجسم مع ما هو معروف عن
__________________
(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٥ / ٣٠٠ ـ ٣٠٦.
(٢) صموئيل الثاني ١١ / ١ ـ ٢٧ ، ١٢ / ١ ـ ٢٥ ، وانظر : محمد بيومي مهران : إسرائيل ٣ / ٢٠٣ ـ ٢٠٥.