صورة إنسيّين ، فوجداه في يوم عبادته ، فمنعهما الحرس أن يدخلا عليه ، فتسوّرا عليه المحراب ، ففزع منهما فقالا : لا تخف خصمان بغي بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ، قال قصا على قصتكما ، فقال أحدهما : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ، فهو يريد أن يأخذها ليكمل بها نعاجه مائة ، فقال للآخر ما تقول ، فقال إن لي تسعا وتسعين نعجة ، ولأخي هذا نعجة واحدة ، فأنا أريد أن آخذها منه فأكمل بها نعاجي مائة ، قال : وهو كاره ، قال وهو كاره ، قال : إذا لا ندعك وذاك ، قال : ما أنت على ذلك بقادر ، قال : إن ذهبت تروم ذلك ضربنا مئات هذا وهذا (الأنف والجبهة) فقال يا داود ، أنت حق أن يضرب منك هذا وهذا حيث لك تسع وتسعون امرأة ، ولم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة ، فلم تزل به تعرضه للقتل حتى قتل ، وتزوجت امرأته ، قال فنظر فلم ير شيئا ، فعرف ما وقع فيه ، وما ابتلى به ، فخر ساجدا فبكى ، فمكث يبكى ساجدا أربعين يوما ، لا يرفع رأسه إلا لحاجة لا بد منها ، حتى أوحى الله إليه بعد أربعين يوما ، يا داود : ارفع رأسك فقد غفرت لك ...» (١).
وقريب من هذا ما رواه السيوطي في الدر المنثور ، وخلاصته أن داود عليهالسلام أمر في يوم عبادته ألا يدخل عليه أحد ، وبينما هو يقرأ في الزبور ، إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون الطير من كل لون ، ولما حاول داود عليهالسلام الإمساك به طار منه على كوة المحراب ، ولما أراد مرة ثانية الإمساك به طار خارج الحجرة ، فنظر داود ليراه أي ذهب فإذا به يرى امرأة تستحم عارية ، فلما رأت ظله حركت رأسها فغطت كل جسدها ، فأرسل إليها وعند ما جاءت علم منها أنها امرأة رجل محارب يدعى أوريا ، فأرسل إلى قائد الجيش أن يجعل أوريا من حملة التابوت ، الذين كانوا في مقدمة
__________________
(١) في تاريخ الطبري ١ / ٤٧٩ ـ ٤٨١ ، وانظر روايات أخرى في : تاريخ الطبري ١ / ٤٨١ ـ ٤٨٤ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٥ ـ ١٢٦ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٥٢ ـ ٥٣.