أخرى تذهب إلى أوريا خطب تلك المرأة ، ثم خطبها داود ، فآثره أهلها ، فكانت زلته أن خطب على خطبة أخيه المؤمن ، مع كثرة نسائه (١) ، على أن هناك رواية ثالثة تذهب إلى أن خطئه داود كانت أنه لما بلغه حسن امرأة أوريا ، فتمنى أن تكون له حلالا ، فاتفق أن أوريا سار إلى الجهاد فقتل ، فلم يجد له من الهم ما وجده لغيره (٢).
على أن هناك رواية رابعة اندفعت في هذه الحماقة ، جريا وراء إسرائيليات باطلة ، وقد نسي أصحابها ما في هذا الصنيع من إلصاق تهمة شنيعة برسول كريم ، ونبي جليل ، تقول هذه الرواية أنه بينما كان داود عليهالسلام في خلوة عباده ، جاءه الشيطان وقد تمثل في صورة حمامة من ذهب حتى وقع عند رجليه وهو يصلي ، فمدّ يده ليأخذه فتنحى فتبعه ، فتباعد حتى وقع في كوة ، فذهب ليأخذه فطار من الكوة ، فنظر أين يقع فيبعث في أثره ، فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها ، فرأى امرأة من أجمل النساء خلقا ، فحانت منها التفاتة فأبصرته ، فألقت شعرها فاستترت به ، فزاده ذلك فيها رغبة (وفي رواية أخرى ، فما زال يتبع الحمامة حتى أشرف على امرأة تغتسل ، فأعجبه خلقها وحسنها ، فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاده ذلك أيضا إعجابا بها ، فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا ، فبعث إلى صاحب المسلحة أن يبعث أوريا (أهريا) إلى عدو كذا وكذا ، فبعثه ففتح له ، ثم بعثه إلى أخرى حتى قتل في الثالثة ، وتزوج داود امرأته (٣) ، فلما دخلت عليه لم تلبث عنده إلا يسيرا حتى بعث الله ملكين في
__________________
(١) تفسير النسفي ٤ / ٣٧ ـ ٣٨ ، تفسير البيضاوي ٥ / ١٧ ـ ١٩.
(٢) الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٦.
(٣) قال مقاتل بلغنا أنها أم سليمان (تاريخ الطبري ١ / ٤٨٢) وقال ابن كثير : وكانت لداود مائة امرأة ، منهن امرأة أوريا أم سليمان بن داود التي تزوجها بعد الفتنة (البداية والنهاية ٢ / ١٥).