قال الإمام علي «من حدثكم بحديث داود عليهالسلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين» ، وهو حد الفرية على الأنبياء ، بل إن ابن العربي يرى أن من قال إن نبيّا زنى فقد كفر (١) ، كما أنكرت جمهرة المفسرين هذه التهمة الكذوب بالإجماع ، كما أن أحدا على الإطلاق لم يقل بأن النبي المعصوم قد قارف من تلك المرأة محرما (٢).
وروى النسفي أنه حدث بذلك عمر بن عبد العزيز ، وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث به وقال : إن كانت القصة على ما في كتاب الله فما ينبغي أن يلتمس خلافها ، وأعظم بأن يقال غير ذلك ، وإن كانت على ما ذكرت وكف الله عنها سترا على نبيّه ، فما ينبغي إظهارها عليه ، فقال عمر : لسماعي هذا الكلام أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس ، وقال النسفي : والذي يدل عليه المثل الذي ضربه الله بقصته عليهالسلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب ، وإنما جاءت على طريق التمثيل والتعريض دون التصريح لكونهما أبلغ في التوبيخ من قبل أن التأمل إذا أداه إلى الشعور بالمعرض به كان أوقع في نفسه وأشد تمكنا من قلبه وأعظم أثرا فيه ، مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة (٣).
__________________
(١) تفسير القرطبي ص ٥٦٢٥ ـ ٥٦٢٦ ، على عبد الواحد وافي : الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام ـ القاهرة ١٩٦٤ ص ٤٣ ـ ٤٤.
(٢) انظر : تفسير ابن كثير ٤ / ٤٧ ـ ٥٠ ، تفسير البحر المحيط ٧ / ٣٩٣ ، تفسير القاسمي ١٤ / ٥٠٨٩ ـ ٥٠٩٠ ، تفسير البيضاوي ٢ / ١٠٧ ـ ١١٠ ، تفسير الفخر الرازي ٢٦ / ١٨٨ ـ ١٩٨ ، تفسير القرطبي ١٥ / ١٦٦ ، الدر المنثور ٥ / ٣٠٠ ـ ٣٠٦ ، الإكليل للسيوطي ص ١٨٥ ، ابن خرم : المرجع السابق ٤ / ١٨ ، تفسير النسفي ٤ / ٣٧ ـ ٣٩.
(٣) تفسير النسفي ٤ / ٣٨.