العربية أن داود لما علم أن طالوت يريد قتله ، جعل في مضجعه زقّ خمر وسجاه ، ودخل طالوت إلى منام داود ، وقد هرب داود ، فضرب الزق ضربة خرقة فوقعت قطرة من الخمر في فيه فقال : يرحم الله داود ما كان أكثر شربه الخمر (١) ، فلما أصبح طالوت علم أنه لم يصنع شيئا ، فخاف داود أن يغتاله فشدّد حجابه وحراسه ، ثم إن داود أتاه من المقابلة في بيته وهو نائم ، فوضع سهمين عند رأسه وعند رجليه ، فلما استيقظ طالوت بصر السهام فقال : يرحم الله داود هو خير منى ، ظفرت به وأردت قتله وظفر بي فكف عني ، وأذكى عليه العيون فلم يظفروا به ، وركب طالوت يوما فرأى داود فركض في إثره ، فهرب داود منه واختفى في غار في الجبل (٢).
وهكذا اضطر داود للفرار من مكان إلى آخر ، معرضا حياته للخطر ، ومع ذلك فلم يذهب إلى موطنه في بيت لحم (٥ أميال جنوب القدس) وإنما ذهب إلى صموئيل النبي في الرامة (رامة الله) ومن هناك إلى «نوب» (مدينة الكهنة) حيث يعيش «أخيمالك» الكاهن ، الذي دفع حياته ، وكذا مدينته بما فيها من رجال ونساء وأطفال وماشية ، ثمنا لإيوائه داود (٣) ، وهكذا ضيق طالوت الخناق على داود ، حتى اضطره أن يودع أباه وأمه عند ملك مؤاب ، وأن يلجأ هو إلى ملك «جت» الفلسطيني ، وحين لم يأمن مكره ، لجأ هو ، إلى مغارة «عدلام» حيث جمع هناك من حوله أربعمائة رجل من مريدية (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ١ / ٤٧٣ ، تاريخ ابن الأثير ١ / ١٢٤.
(٢) تاريخ الطبري ١ / ٤٧٣ ، تاريخ ابن الأثير ١ / ١٢٤.
(٣) صموئيل أول ١٩ / ١٨ ـ ٢٢ / ٢٣ ، قارن : تاريخ الطبري ١ / ٢٧٣ ، تاريخ ابن الأثير ١ / ١٢٤.
(٤) صموئيل أول ٢١ / ١٠ ـ ١٥ ، ٢٢ / ١ ـ ٥ ، وانظر : محمد بيرمي مهران : إسرائيل ٢ / ٦٩٧ ـ ٧٠١.