لصاحبيهما ، ويقول صاحب الظلال : كان حكم داود وحكم سليمان اجتهادا منهما في القضية ، وكان الله حاضرا حكمهما ، فألهم سليمان حكما أحكم ، وفهمه ذلك الوجه وهو أصوب ، ولقد اتجه داود في حكمه إلى مجرد التعويض لصاحب الحرث ، وهذا عدل فحسب ، ولكن حكم سليمان تضمن مع العدل البناء والتعمير ، وجعل العدل دافعا إلى البناء والتعمير ، وهذا هو العدل الحي الإيجابي في صورته البانية الدافعة ، وهو فتح من الله وإلهام يهبه من يشاء ، ولقد أوتى داود وسليمان كلاهما الحكمة والعلم» وكلا آتينا حكما وعلما ، وليس في قضاء داود من خطأ ، ولكن قضاء سليمان كان أصوب ، لأنه من نبع الإلهام.
وقريب من هذه القصة التي جاءت في القرآن الكريم ، ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «بينما امرأتان معهما ابنان لهما ، إذ جاء الذئب فأخذ أحد الابنين ، فتحاكما إلى داود ، فقضى به للكبرى ، فخرجتا فدعاهما سليمان فقال : هاتوا السكين أشقه بينكما ، فقالت الصغرى : يرحمك الله هو ابنها لا تشقه ، فقضى به للصغرى» (١). وهناك قصة أخرى أوردها الحافظ ابن عساكر في ترجمة سليمان عليهالسلام من تاريخه بسنده
__________________
ـ قائد ، وعند الشافعي. لا ضمان بالنهار لأن لصاحب الماشية تسييب ماشيته بالنهار ، وحفظ الزرع بالنهار على صاحبه ، وإن كان ليلا يلزمه الضمان لأن حفظها بالليل عليه ، وقال الجصاص إنما ضمنوا لأنهم أرسلوها ونسخ الضمان بقوله صلىاللهعليهوسلم : «جرح العجماء جبار ، واحتج الشافعي بما روي عن البراء بن عازب أنه قال : كانت ناقة ضارية فدخلت حائطا فأفسدته ، فذكروا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها ، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها ، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل» ، وقال مجاهد : كان هذا صلحا ، وما فعله داود كان حكما ، والصلح خير» (تفسير النسفي ٣ / ٨٥ ، تفسير الفخر الرازي ٢٢ / ١٩٩).
(١) الحديث أخرجه أيضا البخاري ومسلم في صحيحهما ، وبوّب له النسائي في كتاب القضاء ، وانظر : تفسير ابن كثير ٣ / ٢٩٩ ، تاريخ الطبري ١ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧.