كان عام ٧٧٣ ه تاريخ نهضة تيمور ومبدأ فتوحه واستقلاله ... ومولده كان سنة ٧٢٨ ه في قرية تسمى خواجة إيلغار من أعمال كش إحدى مدن ما وراء النهر ... كان أبوه من الفلاحين ونشأ خاملا إلا أنه كان قوي القلب ، شديد البطش ذكيا ، فطنا. مطبوعا على الشر ... ولما بلغ أشده وترعرع صار يتجرم فسرق مرة غنما فرماه راعيها بسهم فأصاب رجله فعرج منه فمن حينئذ قيل له (اللنك) وتعني في لغة العجم الأعرج ، والترك يدعونه (آقساق تيمور) ويقصدون عين الغرض ...
ثم انضمت إليه طائفة فصار يقطع الطريق ... وكان لا يتوجه إلى جهة فيرجع خائبا ، وكان يلهج بأنه يملك البلاد ويبيد العباد. وكان له اتصال بشمس الدين الفاخوري وببركة أحد الزهاد المشهورين في أيامه ... مما جعل الناس يتقولون بنسبة كرامات منهما أو دعوات له ... لأنهم مشبعون في هذه النسبة إلى أمثال هؤلاء الشيوخ والزهاد ... وإنما كانت نفسه كبيرة ، وعزمه قويا وهميته عالية وإرادته لا تتزعزع في تطلعه إلى الملك ، وهو ذو عقل وافر جدا فكان ذلك كله من أسباب نجاحه وأقوى الكرامات التي يجب أن تعزى إليه .. لا إلى شيخ أو درويش.
اشتهر أولا بمعرفة الخيل فطلبه صاحب خيل السلطان بسمرقند فقرره في خدمته ، وحظي عنده فاتفق أنه مات عن قريب فقرره السلطان مكانه ، وكان اسمه حسين من ذرية جنكز خان فكانت هراة وغيرها من بلاد المشرق في ملكه فاستمر اللنك في خدمته إلى أن بدا منه إجرام فخشي على نفسه فهرب وانضم إليه جمع وعاد إلى قطع الطريق ، فاهتم السلطان بأمره وجهز إليه جيشا ، فظفروا به ، فلما أحضروه استوهبه بعض أقارب السلطان ، فاستتابه وأقره في خدمته رغبة في شهامته فاستمر إلى أن خرج خارج بسجستان وكان ينوب فيها ، فجهز إليه السلطان عسكرا رأسهم اللنك فأوقعوا بذلك النائب ، واستولى اللنك منه على مال كبير