«وكان من أعجب القضايا بل من أعظم البلايا الفتنة التي يحار فيها اللبيب ، ويدهش في دجى مندسها الفطن الأريب ، ويسفه فيها الحليم ، ويذل فيها العزيز ويهان الكريم ، قصة تيمور ، رأس الفساق ، الأعرج الدجال ، الذي أقام الفتنة شرقا وغربا على ساق. فتحققت نجاسته بهذا الغسل ، أردت أن أذكر منها ما رأيته وأقصّ في ذلك ما رويته ...» ا ه وأثبتت التدقيقات التاريخية أنه من أصدق المؤلفات ، وأحقها بالأخذ ، ومما يركن إليها إلا في بعض المواطن التي ظهر أنها كتبت بتحامل فلا يزال محتفظا بقيمته التاريخية إلى اليوم بالرغم مما يتبين أنه ساخط على تيمور.
والكتاب لم يقف عند تحرير وقائعه التاريخية والاكتفاء بها وإنما هو تاريخ الحكومات المعاصرة له ، والتي قارعها واستولى عليها وخاصة ما يتعلق بالعراق ، والحكومة العراقية (الجلايرية). فقد تعرض لها كثيرا. وأبان في موضوعها عن سعة علم واطلاع أتمه عام ٨٤٠ ه (١٤٣٧ م).
ومما يستحق الذكر هنا أن المؤلف عول في بعض وقائعه فيما يخص تيمور والعراق على عالم عراقي هو تاج الدين أحمد النعماني القاضي الحنفي الحاكم ببغداد فقد قصها نقلا عنه ، وأن حادثة بغداد وقعت يوم الأضحى سنة ٨٠٣ ه إلا أنها لا تخلو من مبالغة هي من لوازم عبارات الناقل والتزاماته في السجع والتهويل كما هو جاري عادته (١).
ولا يفوتنا أن نقول : إن المؤلف ثقة في هذه الحوادث لما كان له من الاتصال الكبير بعلماء الترك والعجم. فقد تجول في سمرقند وبلاد الخطا وما وراء النهر وبرع في فنون العلم ، وأتقن الفارسية ، والتركية ،
__________________
(١) عجائب المقدور ص ١١٩.