وأهملت الآداب العربية وبقيت محصورة في الشعب ... فعاش الكثير من علمائنا في الأقطار الأخرى وإن عدد العلماء وكثرتهم المستفادة من تاريخ وفياتهم وإن كان لا يستهان بها إلا أن الثقافة الفارسية رجحت عليها ... والملحوظ أن الفضل بهذا العصر في أن يهملوا وتترك لهم مؤسساتهم العلمية ودور ثقافتهم دون أن يمسوها بسوء لينالوا حظا منها لأنفسهم ويتعهدوا تربيتهم بذاتهم .. لا أن يكونوا من رجال الدولة ، أو أعضائها الفعالة ... إلا أن من رغب فما عليه إلا أن يميل بكليته إلى تحصيل لغة القوم ، والأخذ بنصيب وافر من آدابهم لينال بعض الوظائف ، أو يأمن الغوائل ... وعلى كل تعينت ثقافة الحكومة في دراسة الآداب الفارسية بترجيح ... والمترجم ركن عظيم من أركانها ...
اشتهر في هذا العصر شعراء عديدون من العجم ونالوا شهرة فائقة ، وحاول بعضهم أن يجاري الفردوسي في شهنامته ... وراجت سوق الأدب الفارسي وأثر تأثيره العظيم حتى في العراق قطر العرب ومركز الثقافة العربية .. ومن البواعث المهمة الأمراء والسلاطين كما تقدم فقد كانت تربيتهم إيرانية والموظفون إيرانيون فتأثرت الآداب بهذه الطوابع وإن كانت الحكومة إسلامية ، والديانة هي السائدة وإنما سار الناس على نهج ملوكهم وأمرائهم ...
ولا نمضي بعيدا ، وبصورة عامة دون أن نتناول حياة المترجم فقد كان من شعراء الوزير غياث الدين محمد ابن الخواجة رشيد الدين فضل الله ، ثم صار من شعراء الشيخ حسن وابنه السلطان أويس وابنه السلطان حسين. وهو من أهالي ساوة من أسرة لها مقامها الرفيع هناك ...
والمترجم له الوقوف التام على كتابة السياقة (نوع خط) ولكنه ذاع صيته في الشعر وتقرب من السلاطين وصار الشعراء إذا أرادوا أن يقدموا قصيدة يتقربون إليه في تقديمها ... والأدباء الإيرانيون لم يحلوه في