النار ، وأمرهم بالرجوع فما رجعوا ، فأمر غلامه قنبرا حتى ألقاهم في النار فهرب واحد من الجماعة اسمه نصير واشتهر هذا الكفر منه .. وهذه الطائفة بالحديثة (بلدة على الفرات). سمعت الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني شيخ الزيدية بالكوفة يقول : لما انصرفت من الشام رحلت إلى الحديثة مجتازا فسألوني عن اسمي فقلت عمر فأرادوا أن يقتلوني لأن اسمي عمر حتى قلت إني علوي ، وإني كوفي فتخلصت منهم وإلا كادوا يقتلونني ...» ا ه (١).
وحديثة هذه تسمى حديثة الفرات وحديثة النورة (٢) والآن ليس فيها نصيرية. وإنما المعروف أنهم لا يزالون في عانة في محلة الحقون .. ويحكي أهل عانة القصص الغريبة عنهم سواء في إظهار شعائر الإسلام ، أو في الأمور الخفية التي يتعاطون العبادات أو الاجتماعات فيها .. وعندهم سر (عمس) لا يحلفون به كذبا ويقصدون بالعين (عليا) ، وبالميم (محمدا) ، وبالسين (سلمان الفارسي) ... ويتقول عليهم المجاورون بعض الأمور مثل قولهم «يا أبا السعود يا أبا السعود منك خرجنا وإليك نعود» فيزعمون أنهم يجردون بنتا يخاطبون فرجها بما ذكر .. ويعزون إليهم حادث الكفيشة أو الكفشة وتنسب أيضا إلى كثيرين من أمثال هذه الطائفة بسبب التكتم من اتخاذ ليلة ساهرة تطفأ فيها الشموع ويتصل رجالهم بنسائهم ويكذبها الواقع فلا يعتمد على هكذا إشاعات ... وقد نقلت هذه العادة قديما وألصقت ببعض طوائف الغلاة كما نقل صاحب (الفرق بين الفرق) عن طائفة البابكية في جبلهم قال : «للبابكية في جبلهم ليلة عيد لهم يجتمعون فيها على الخمر والزمر وتختلط فيها رجالهم ونساؤهم فإذا أطفئت سرجهم ونيرانهم افتض فيها
__________________
(١) كتاب الأنساب ، السمعاني ص ٥٦٢ ـ ٢.
(٢) معجم البلدان في مادة حديثة.