والأنبياء السفليون لا قدرة لهم ولا طريق إلى معرفة الله تعالى على حد «ما عرفناك حق معرفتك»».
ذلك ما دعا أن يهبط تعالى من المرتبة الصرفية ودرجة البحتية والإطلاق .. ففي كل عصر ودور بمقتضى فرط لطفه يتصل بجسم من الأجسام ليبصره عباده فيمتثلوا أوامره عن معرفة فيصغوا إليها ويعملوا بموجبها ...
وقد ورد في هذا الشأن آيات وأحاديث تتعلق بالرؤية وفيها إشارة واضحة إلى ذلك. فعليه ولما كان ظهور الروحاني في صورة جسمانية أمر ممكن وقد سلم العقلاء بذلك وجاء في الأخبار عند المسلمين وتقرر أن المجرد يتيسر تمثيله فجبرائيل عليه السّلام ظهر بصورة دحية الكلبي. وكذلك تظهر الجن والشياطين بصور البشر ، فمن الأولى أن يبدو القادر المتعال للخلق بهذا التجلي ، وهكذا أفراد الناس لا يستغنون عن الاستعانة بغيرهم ...
وهذه الطائفة نظرا لتلك القاعدة المتفق عليها تقول بأنه يجب أن لا يدوم ظلم وأن ينتظم العالم ويمضي بمقتضى قوانين ثابتة وسنن دائمة ، وهذا لا يمكن أن يقوم به أحد سوى الله تعالى .. وعلى هذا قضت حكمته وإرادته أن يظهر بمظهر البشر إنفاذا لأوامره فيضع لهم الشرائع لترتيب الأمور وتنظيمها .. والعقل والنقل يؤديان إلى أنه لم يكن هناك في دور الشمس والقمر من توفرت فيه الشرائط للقيام بهذه المهمة سوى علي المرتضى ...
والحق أن النبي صلّى الله عليه وسلّم الذي كان أعلم بكثير من سائر الأنبياء واجتمعت فيه كافة الصفات الحميدة التي اتصف بها الأنبياء قبله مما دعا أرباب العقول أن يروه يخرج من الجنة ويحل جسم أبي البشر فيشاهدوه بصورة آدم ، وتارة يجدونه مجسما بهيئة نوح فيصنع الفلك ، وأحيانا يبصرونه في شكل إبراهيم يلعب بالنار ، وينظرونه في لباس الكليم ناطقا