هذا وسيلة للتقدم نحو العراق والوقيعة بالسلطان أحمد .. وحينئذ تقابل الجيشان قرب مدينة السلطانية من ممالك السلطان أحمد فكانت جيوش تيمور لا تحصى عدّا ولهجومها وقع كبير في نفوس الجيش الجلايري فقد هجموا هجوما عاما فكانت المعركة دامية فلم يطق القوم الصبر عليها ففروا من وجه عدوهم وتفرقوا شذر مذر في الأنحاء والأطراف فعاد الأمير قائد الجيش إلى بغداد بخفي حنين .. فغضب السلطان عليه وضربه فأوجعه بالوجه المارّ ... أما تيمور فإنه لم يستمر على سيره وإنما اكتفى بهذه النصرة وعاد إلى مملكته ..
هذه أول علاقة حربية وقعت له مع السلطان وهي مقدمة فتح العراق وأن عودته تفسر في اتخاذ الأهبة الكافية للاستيلاء على بغداد ... وهكذا فعل المغول قبله فلم تمض مدة حتى ظهرت طلائعه في لرستان وتبين جيشه هناك فقد كان إذا أراد السير إلى جهة أظهر أنه عازم على غيرها .. وكان حاكم اللر آنئذ الملك عز الدين العباسي فهذا انقاد للأمير تيمور وقدم له المملكة فكانت النتيجة أن أقره. وبهذه الصورة استولى على همذان وبلاد اللر ولم يبق حائل بينه وبين بغداد ...
وهذه الأخبار قد اضطرب لها العراق وسلطانه .. أما السلطان فإنه انتابته الهواجس وأصابته الفكر وأعوزته الحيل في الدفاع والنضال وسدت الطرقات أمامه فكان يتوقع النازلة ويترقب القارعة ... فلم يجد خلاصا إلا بالهزيمة وأن يترك العراق وتبريز .. ولذا أخذ ما تمكن على أخذه من نقود وأموال ، وجعل ابنه طاهرا مع أهله وعياله في قلعة (النجا) (١) القريبة من شروان بالوجه المشروح .. ورحل هو من بغداد
__________________
(١) وصف صاحب عجائب المقدور قلعة النجا وبين مناعتها كما أنه تكلم عن بسالة القائد آلتون وما أتى به من عجائب الشجاعة وما ناله في سبيل الشهامة إلى أن قتل مما أشير إليه فيما سبق ...