وصفوتهم ... فاتصل مؤرخنا بهؤلاء بواسطة الوزير ... ذلك ما دعا أن يزيد في تتبع هذا المؤرخ ويقوي نشاطه فصار يجهد بشوق وعشق ليس وراءهما ... كما أن الرغبة تكاثرت في الكل لحد أن الوزير نفسه استقال من الوزارة وعمد إلى العلم والتأليف ... وهكذا فعل هذا المؤرخ لكتابة تاريخه فقد أقام في تكية من تكايا هراة براحة وطمأنينة مال فيها إلى التدوين ... وهذه التكية (خانقاه خلاصية) التي أنشأها الأمير علي شير ...
سعى مؤرخنا سعيا حثيثا لإكمال تاريخه هناك ولما وصل إلى الجلد السابع منه وافاه الأجل المحتوم على حين غرة فقضى قبل أن يشرع في الجلد السابع عام ٩٠٤ ه ١٤٩٨ م عن عمر ٦٧ في مدينة هراة فلم يتم تأليفه وإنما كان ذلك نصيب ابنه (غياث الدين خواندمير).
وجاء في مقدمته أن جمعا من إخوانه التمسوا تأليف كتاب منقح محتو على معظم وقائع الأنبياء والملوك والخلفاء ثم دخل الوزير مير علي شير وأشار إليه أيضا فباشره مشتملا على مقدمة وسبعة أقسام وخاتمة فالقسم الخامس منه في ظهور جنكيز وأحواله وأولاده والسادس في ظهور تيمور وأحواله وأولاده والسابع في أحوال سلطان حسين بايقرا ... فالأقسام الأخيرة منه فيها تفصيلات مهمة عن الترك والمغول والتتر ومن يليهم وأوضح الوقائع بكل سعة حتى زمان السلطان حسين بايقرا ... فهو من الكتب الجامعة المستوعبة لتواريخ كثيرة كانت قد سبقته .. وعلى كل هو خير أثر لعصرنا الذي نكتب عنه وللعصور التالية له إلى أواخر أيامه وخلاصة لما فيها من حوادث. ويعد من أفضل المراجع التي عولنا عليها .. ولا يكاد يصدق أن امرءا واحدا قام بهذا العمل الجليل .. ولا يوجه عليه لوم من ناحية أنه كتب عن الحكومة الجلايرية بإجمال فهو بعيد عنها فلا ينظر إلا إلى المباحث العمومية ومع هذا نجد فيه بعض المطالب التي قد لا نجدها في غيره .. والمؤلف على كل حال وكما يفهم من