إن حالة العصر الذي ظهر فيه تيمور كانت مشتتة الأهواء في السياسة ، مفرقة الآراء في النحل والعقائد ، مختلفة العوائد .. وهكذا في عقولها وعلومها .. فلا أمل في التأليف بين هذه الأمم إلا بمراعاة طريقة هذه الفاتح التي اختطها وعلم أنها الناجحة لما عزم على القيام به ..
قال في الشذرات : «كان له فكر صائب ومكايد في الحروب وفراسة قل أن تخطىء ، وكان عارفا بالتواريخ لإدمانه على سماعها ، لا يخلو مجلسه عن قراءة شيء منها سفرا ولا حضرا ، وكان مغرى بمن له صناعة ما حاذقا فيها ، وكان أميا لا يحسن الكتابة وكان حاذقا باللغة الفارسية. والتركية والمغولية خاصة ، وكان يقدم قواعد جنكيز خان ويجعلها أصلا ... وكانت له جواسيس في جميع البلاد التي ملكها والتي لم يملكها ، وكانوا ينهون إليه الحوادث الكائنة على جليتها ويكاتبونه ... فلا يتوجه إلى جهة إلا وهو على بصيرة من أمرها ... (١)» ا ه.
وعلى كل كان في أيام تغلب وكان قد فاق الكل وتمكن من الاستيلاء على ممالك كثيرة وكاد يضارع جنكيز في حروبه .. بل فاقه في نواح عديدة ... وقد مر من حوادثه ما له علاقة بالعراق ، وقد وصفه صاحب الضوء اللامع بقوله :
«كان شيخا ، طوالا ، مهولا ، طويل اللحية ، حسن الوجه ، أعرج ، شديد العرج ، سلب رجله في أوائل أمره ومع ذلك يصلي عن قيام مهابا ، بطلا ، شجاعا ، جبارا ، ظلوما ، غشوما ، فتاكا ، سفاكا للدماء ، مقدما على ذلك أفنى في مدة ولايته من الأمم ما لا يحصون. جهير
__________________
(١) الشذرات ج ٧ ص ٦٦٠.