ما رآه من مناظرها ، وأوضاع مياهها وشواطئها ، والفلك التي تجري ، وبساتينها وأزهارها فكان لها وقع كبير في نفسه. ناهيك بصفاء سمائها ولياليها المقمرة إلى غير ذلك مما يعجز القلم عن تبيانه وشرحه .. وكله يبعث في الشاعر روحا ونشاطا وينعش الأمل فيه فيقول :
قطر فسيح وماء ما به كدر |
|
حفت بشطيه الفاف البساتين |
ولما أصابها الغرق في هذه السنة وتبدلت أوضاعها الزاهية الجميلة فعادت خرابا ، ورآها الشاعر سلمان بصورتها المؤلمة تأثر تأثرا عظيما ، فوصف دجلة بفيضانه وعربدته ونعته بمجنون مكبل بسلاسل حديدية .. كسر قيوده واستولى بمياهه على المدينة فخرب عماراتها العالية. وأغرق نحو أربعين ألفا من أهليها وكان هذا الحادث سنة جلوس السلطان أويس ... فناح الشاعر على مصاب بغداد لما رآه فيها من دعة ، وكان حصل في بغداد على نعيم وشهرة ذائعة في الأقطار ...
قال الخواجة سلمان :
بسال هفصد وپنجاه وهفت گشت خراب |
|
بآب شهر معظم كه خاك بر سراب |
دريغ روضه بغداد آن بهشت آباد |
|
كه كردهاستخرابش سپهر خانه خراب (١) |
وفي هذا ما يشير إلى ما كانت عليه بغداد وما نالها من دمار ...
وفيات
١ ـ جمال الدين أبو محمد البغدادي :
هو ابن عبد الرحمن بن أحمد بن ماجد ، سمع من ست الملوك
__________________
(١) حبيب السير وسلمان ساوجي لرشيد ياسمي ص ١٥ وكلشن خلفا ص ٤٩.